المقالات الفلسفية الاكثر توقعا لبكالوريا 2014
السلام عليكم
هاته المقالات الاكثر توقع والتي تداولة بكثرة بين الاساتذة والمنتديات والمواضيع
اللغة والفكر
الذاكرة
الابداع
الحقيقة
الانظمة السياسية
الديمقراطية بين الحرية والمساواة
الحكم الفردي والجماعي
وهي هنا كلها بمقالاتها وبمختلف اسئلتها
اللغة و الفكر :
هل يمكن تصور وجود أفكار خارج إطار اللغة ؟
طرح المشكلة : لقد شغلت العلاقة بين اللغة والفكر بال فلاسفة اللغة وعلمائها ؛ فاعتقد البعض منهم أن هناك تطابق مطلق بينهما ، ولا وجود لأفكارٍ لا
تستطيع اللغة التعبير عنها ، واعتقد آخرون أن هناك انفصال بين اللغة والفكر ، مما يلزم عنه إمكان تواجد أفكار تعجز اللغة عن التعبير عنها وتوصيلها
للغير ، فهل فعلا يمكن أن يكون هناك أفكارا بدون لغة ؟ بمعنى آخر : هل يمكن أن توجد أفكار خارج حدود اللغة ؟
محاولة حل المشكلة : 1- أ- عرض الأطروحة : يرى بعض المفكرين من أنصار الاتجاه الثنائي ، أنه لا يوجد تطابق وتناسب بين عالم الأفكار وعالم الألفاظ ، فالفكر اسبق من
اللغة وأوسع منها ، وأن ما يملكه الفرد من أفكار ومعان يفوق بكثير ما يملكه من ألفاظ وكلمات ، مما يعني انه يمكن أن تتواجد أفكار خارج إطار اللغة .
ويدافع عن هذه الوجهة من النظر الفلاسفة الحدسانيون أمثال الفرنسي "برغسون" والرمزيون من الأدباء والفنانين ، وكذا الصوفية الذين يسمون أنفسهم
أهل الباطن والحقائق الكبرى . 1- ب- الحجة : وما يؤكد ذلك ، أن الإنسان كثيرا ما يدرك كما زاخراً من المعاني والأفكار تتزاحم في ذهنه ، وفي المقابل لا يجد إلا ألفاظا محدودة لا
تكفي لبيان هذه المعاني والأفكار. كما قد يفهم أمرا من الأمور ويكوّن عنه صورة واضحة بذهنه وهو لم يتكلم بعد ، فإذا شرع في التعبير عما حصل في
فكره من أفكار عجز عن ذلك . كما قد يحصل أننا نتوقف – لحظات – أثناء الحديث أو الكتابة بحثا عن كلمات مناسبة لمعنى معين ، أو نقوم بتشطيب أو
تمزيق ما نكتبه ثم نعيد صياغته من جديد ... و في هذا المعنى يقول " برغسون " : « إننا نملك أفكارا أكثر مما نملك اصواتا » . ثم إن الألفاظ وُضعت – أصلا – للتعبير عما تواضع واصطلح عليه الناس بغية التواصل وتبادل المنافع ، فهي إذن لا تعبر إلا على ما تواضع عليه الناس
واصطلحوا عليه )أي مايعرف بالناحية الاجتماعية للفكر( ، وتبقى داخل كل إنسان جوانب عميقة خاصة وذاتية من عواطف ومشاعر لا يستطيع التعبير
عنها ، لذلك فاللغة عاجزة عن نقل ما نشعر به للآخرين ، يقول " فاليري " : « ولهذا تمّ ابتكار وسائل .» أجمل الأفكار ، تلك التي لا نستطيع التعبير عنها
تعبير بديلة عن اللغة كالرسم والموسيقى .. وفضلا عن ذلك ، فإن الفكر فيض متصل من المعاني في تدفق مستمر ، أشبه بالسيل الجارف لا يعرف الانقسام أو التجزئة ، وهو نابض بالحياة والروح
أي "ديمومة" ، أما ألفاظ اللغة فهي سلسلة من الأصوات منفصلة ، مجزأة ومتقطعة ، ولا يمكن للمنفصل أن يعبر عن المتصل ، والنتيجة أن اللغة تجمد
الألفاظ قبور المعاني « : الفكر في قوالب جامدة فاقدة للحيوية ، لذلك قيل » . 1- ج- النقد : لكن القول أن الفكر أوسع من اللغة واسبق منها ليس إلا مجرد افتراض وهمي ، فإذا كنا ندرك معانٍ ثم نبحث لها عن ألفاظ ما يبرر أسبقية
الفكر على اللغة ، فإن العكس قد يحدث أيضا حيث نردد ألفاظ دون حصول معانٍ تقابلها وهو ما يعرف في علم النفس ب"الببغائية" أفلا يعني ذلك أن اللغة
اسبق من الفكر ؟ وحتى لو سلمنا – جدلا – بوجود أسبقية الفكر على اللغة فإنها مجرد أسبقية منطقية لا زمنية ؛ فالإنسان يشعر أنه يفكر ويتكلم في آنٍ
واحد . والواقع يبين أن التفكير يستحيل أن يتم بدون لغة ؛ فكيف يمكن أن تمثل في الذهن تصورات لا اسم لها ؟ وكيف تتمايز الأفكار فيما بينها لولا
اندراجها في قوالب لغوية ؟ ثم لو كانت اللغة عاجزة على التعبير عن جميع أفكارنا فالعيب قد لا يكون في اللغة ، بل في مستعملها الذي قد يكون فاقد
لثروة لغوية تمكنه من التعبير عن أفكاره . 2- أ- نقيض الأطروحة : يعتقد معظم فلاسفة اللغة وعلمائها من أنصار الاتجاه الأحادي ، أن هناك تناسب بين الفكر واللغة ، وعليه فعالم الأفكار يتطابق
مع عالم الألفاظ ، أي أن معاني الأفكار تتطابق مع دلالة الألفاظ ، ولا وجود لأفكار خارج إطار اللغة ، والى ذلك يذهب الفيلسوف الفرنسي " ديكارت"
والألماني "هيجل" والمفكر الانجليزي "هاملتون" وعالم النفس الأمريكي " واطسن" ، الذين يؤكدون جميعهم أن بين اللغة والفكر اتصال ووحدة عضوية
وهما بمثابة أن الفكر لغة صامتة واللغة « وجهي العملة النقدية غير القابلة للتجزئة ، باعتبار فكر ناطق .» 2- ب- الحجة : وما يثبت ذلك ، أن الملاحظة المتأملة وعلم النفس يؤكدان أن الطفل يولد صفحة بيضاء خاليا تماما من أي أفكار ، ويبدأ في اكتسابها
بالموازاة مع تعلمه اللغة ، أي أنه يتعلم التفكير في نفس الوقت الذي يتعلم فيه اللغة . وعندما يصل الفرد إلى مرحلة النضج العقلي فإنه يفكر باللغة التي
يتقنها ، مهما كانت « ف » ، فالأفكار لا ترد إلى الذهن مجردة ، بل مغلفة باللغة التي نعرفها الأفكار التي تجيئي إلى فكر الإنسان ، فإنها لا تستطيع أن تنشأ
وتوجد إلا على مادة وأنه حسب "هيجل" أي محاولة للتفكير بدون لغة هي محاولة عديمة الجدوى ، . » اللغة فاللغة هي التي تعطي للفكر وجده الأسمى
والأصح . ثم إننا لا نعرف حصول فكرة جديدة في ذهن صاحبها إلا إذا تميزت عن الأفكار السابقة ، ولا يوجد ما يمايزها إلا علامة لغوية منطوقة أو مكتوبة . كما أن الأفكار تبقى عديمة المعنى في ذهن صاحبها ولم تتجسد في الواقع ، ولا سبيل إلى ذلك إلا ألفاظ اللغة التي تدرك إدراكا حسيا ، فاللغة إذن هي التي
تبرز الفكر من حيز الكتمان إلى حيز التصريح ، ولولاها لبقي الكلمة لباس المعنى ولولاها لبقي مجهولا « : كامنا عدما ، لذلك قيل .» والنتيجة أن العلاقة بين اللغة والفكر بمثابة العلاقة بين الروح بالجسد ، الأمر الذي جعل " إن الألفاظ حصون المعاني « : هاملتون" يقول .» 2- ج- النقد : لكن ورغم ذلك ، فإنه لا وجود لتطابق مطلق بين الفكر واللغة ، بدليل أن القدرة على الفهم تتفاوت مع القدرة على التبليغ ، من ذلك مثلا أنه
إذا خاطبنا شخص بلغة لا نتقنها فإننا نفهم الكثير مما يقول ، لكننا نعجز عن مخاطبته بالمقدار الذي فهمناه ، كما أن الأدباء - مثلا - رغم امتلاكهم لثروة
لغوية يعانون من مشكلة في التبليغ . 3- التركيب : في الحقيقة أن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة ذات تأثير متبادل ، فكلاهما يؤثر في الآخر ويتأثر به ، لكن ورغم ذلك فإنه لا وجود لأفكار لا
تستطيع اللغة أن تعبر عنها ، كما أنه – في نفس الوقت – لا وجود لألفاظ لا تحمل أي فكرة أو معنى . حل المشكلة : وهكذا يتضح انه لا يمكن للفكر أن يتواجد دون لغة ولا لغة دون فكر ، على الاعتبار أن الإنسان بشكل عام يفكر بلغته ويتكلم بفكره ، وهذا
يعني في النهاية أنه يستحيل تصور وجود أفكار خارج إطار اللغة . المقالة الثالثة : دافع عن الأطروحة القائلة : " أن اللغة منفصلة عن الفكر وتعيقه " الاستقصاء بالوضع
i- طرح المشكلة : تعد اللغة بمثابة الوعاء الذي يصب فيه الفرد أفكاره ، ليبرزها من حيز الكتمان إلى حيز التصريح . لكن البعض أعتقد أن اللغة تشكل
عائقا للفكر ، على اعتبار أنها عاجزة عن إحتوائه والتعبير عنه ، مما يفترض تبني الأطروحة القائلة أن اللغة منفصلة عن الفكر وتعيقه ، ولكن كيف يمكن
الدفاع عن هذه الأطروحة ؟
ii- محاولة حل المشكلة : 1- أ - عرض الأطروحة كفكرة :يرى أنصار الاتجاه الثنائي ، أن هناك انفصال بين الفكر واللغة ، و أنه لا يوجد تناسب بين عالم الأفكار وعالم الألفاظ ،
حيث إن ما يملكه الفرد من أفكار و معان يفوق بكثير ما يملكه من ألفاظ وكلمات ، مما يعني أن اللغة لا تستطيع أن تستوعب الفكر أو تحتويه ، ومن ثمّ
فهي عاجزة عن التبليغ أو التعبير عن هذا الفكر . 1- ب - مسلمات الأطروحة : الفكر أسبق من اللغة و أوسع منها ، بحيث إن الإنسان يفكر بعقله قبل أن يعبر بلسانه . 1- ج – الحجة :كثيرا ما يشعر الإنسان بسيل من الخواطر والأفكار تتزاحم في ذهنه ، لكنه يعجز عن التعبير عنها ، لأنه لا يجد إلا ألفاظا محدودة لا
تكفي لبيانها ، وعلى هذا الأساس كانت اللغة عاجزة عن إبراز المعاني المتولدة عن الفكر ابرزا تاما وكاملا ، يقول أبو حيان التوحيدي : "ليس في قوة
اللغة أن تملك المعاني" ويقول برغسون : "إننا نملك أفكارا أكثر مما نملك اصواتا " . - اللغة وُضعت أصلا للتعبير عما تواضع أو اصطلح عليه المجتمع بهدف تحقيق التواصل وتبادل المنافع ، وبالتالي فهي لا تعبر إلا على ما تعارف عليه
الناس )أي الناحية الاجتماعية للفكر( ، ويبقى داخل كل فرد جوانب عميقة خاصة وذاتية من عواطف ومشاعر لا يستطيع التعبير عنها ، لذلك كانت اللغة
عاجزة عن نقل ما نشعر به للآخرين ، يقول فاليري : أجمل الأفكار ، تلك التي لا نستطيع التعبير عنها . - ابتكار الإنسان لوسائل التعبير بديلة عن اللغة كالرسم و الموسيقى ما يثبت عجز اللغة عن استيعاب الفكر و التعبير عنه . 2- تدعيم الأطروحة بحجج شخصية : تثبت التجربة الذاتية التي يعيشها كل إنسان ، أننا كثيرا ما نعجز عن التعبير عن كل مشاعرنا وخواطرنا وأفكارنا ،
فنتوقف أثناء الحديث أو الكتابة بحثا عن كلمة مناسبة لفكرة معينة ، أو نكرر القول : "يعجز اللسان عن التعبير" ، أو نلجأ إلى الدموع للتعبير عن انفعالاتنا
)كحالات الفرح الشديد( ، ولو ذهبنا إلى بلد أجنبي لا نتقن لغته ، فإن ذلك يعيق تبليغ أفكارنا ، مما يثبت عدم وجود تناسب بين الفهم والتبليغ . 3- أ – عرض منطق خصوم الأطروحة : يرى أنصار الاتجاه الأحادي ، أن هناك اتصال ووحدة بين الفكر واللغة ، وهما بمثابة وجهي العملة النقدية غير
القابلة للتجزئة ، فاللغة والفكر شيئا واحدا ، بحيث لا توجد أفكار بدون ألفاظ تعبر عنها ، كما انه لا وجود لألفاظ لا تحمل أي فكرة أو معنى . وعليه كانت
اللغة فكر ناطق والفكر لغة صامتة ، على الاعتبار أن الإنسان بشكل عام يفكر بلغته ويتكلم بفكره . كما أثبت علم النفس أن الطفل يولد صفحة بيضاء
خالية من أي أفكار و يبدأ في اكتسابها بموازاة مع تعلمه اللغة . وأخيرا ، فإن العجز التي توصف به اللغة قد لا يعود إلى اللغة في حد ذاتها ، بل إلى
مستعملها الذي قد يكون فاقدا لثروة لغوية تمكنه من التعبير عن أفكاره . 3- ب – نقد منطقهم : لكن ورغم ذلك ، فإن الإنسان يشعر بعدم مسايرة اللغة للفكر ، فالأدباء مثلا رغم امتلاكهم لثروة لغوية يعانون من مشكلة في التبليغ
، وعلى مستوى الواقع يشعر أغلب الناس بعدم التناسب بين الفكر واللغة . Iii- حل المشكلة : وهكذا يتضح أن هناك شبه انفصال بين اللغة والفكر ، باعتبار أن الفكر اسبق وأوسع من اللغة ، وان اللغة تقوم بدور سلبي بالنسبة له ،
فهي تعيقه وتفقده حيويته ، مما يعني أن الأطروحة القائلة : " أن اللغة منفصلة عن الفكر وتعيقه " أطروحة صحيحة . إذا فكرنا بدون لغة ، فنحن « : المقالة الرابعة : يقول هيبوليت دافع عن الأطروحة التي يتضمنها القول . الاستقصاء بالوضع » لا نفكر
i - طرح المشكل : إذا كانت اللغة أداة للفكر ، بحيث يستحيل أن يتم التفكير بدون لغة ؛ فكيف يمكن إثبات صحة هذه الفكرة ؟
ii - محاولة حل المشكل : 1- أ- عرض الموقف كفكرة : إن الفكر لا يمكن أن يكون له وجود دون لغة تعبر عنه ، إذ لا وجود لأفكار لا يمكن للغة أن تعبر عنا ، حيث أن هناك –
حسب أنصار الاتجاه الأحادي - تناسب بين الفكر واللغة ، ومعنى ذلك أن عالم الأفكار يتناسب مع عالم الألفاظ ، أي أن معاني الأفكار تتطابق مع دلالة
الألفاظ ، فالفكر واللغة وجهان لعملة واحدة غير قابلة للتجزئة ف « الفكر لغة صامتة ، واللغة فكر ناطق » . 1- ب- المسلمات و البرهنة : ما يثبت ذلك ، ما أكده علم نفس الطفل من أن الطفل يولد صفحة بيضاء خاليا تماما من أية أفكار ، ويبدأ في اكتسابها
بالموازاة مع تعلمه اللغة ، وعندما يصل إلى مرحلة النضج العقلي فإنه يفكر باللغة التي يتقنها ، فالأفكار لا ترد إلى الذهن مجردة ، بل مغلفة باللغة التي
مهما كانت الأفكار التي تجيئي إلى فكر الإنسان ، فإنها لا تستطيع أن « نعرفها ف تنشأ وتوجد إلا على مادة اللغة ». ومن جهة ثانية ، فإن الأفكار تبقى عديمة المعنى إذا بقيت في ذهن صاحبها ولم تتجسد في الواقع ، ولا سبيل إلى ذلك إلا بألفاظ اللغة التي تدرك إدراكا
حسيا ، أي إن اللغة هي التي تخرج الفكر إلى الوجود الفعلي ، الكلمة لباس المعنى ، ولولاها لبقي « : ولولاها لبقي كامنا عدما ، ولذلك قيل مجهولا » . وعلى هذا الأساس ، فإن العلاقة بين الفكر واللغة بمثابة العلاقة بين الألفاظ « : الروح والجسد ، الأمر الذي جعل الفيلسوف الانجليزي )هاملتون( يقول
حصون المعاني » . 2- تدعيم الأطروحة بحجج : أن اللغة تقدم للفكر القوالب التي تصاغ فيها المعاني . - اللغة وسيلة لإبراز الفكر من حيز الكتمان إلى حيز التصريح . - اللغة عماد التفكير وكشف الحقائق . - اللغة تقدم للفكر تعار يف جاهزة ، وتزود المفكر بصيغ وتعابير معروفة
- اللغة أداة لوصف الأشياء حتى لا تتداخل مع غيرها . 3- أ- عرض منطق الخصوم :يزعم معظم الفلاسفة الحدسانيون والرمزيون من الأدباء والفنانين وكذا الصوفية ، انه لا يوجد تناسب بين عالم الأفكار
وعالم الألفاظ ، فالفكر أوسع من اللغة واسبق منها ، ويلزم عن ذلك أن ما يملكه الفرد من أفكار ومعان يفوق بكثير ما يملكه من ألفاظ وكلمات ، مما يعني
انه يمكن أن توجد أفكار خارج إطار اللغة . ويؤكد ذلك ، أن الإنسان كثيرا ما يدرك في ذهنه كما زاخرا من المعاني تتزاحم في ذهنه ، وفي المقابل لا يجد إلا ألفاظا محدودة لا تكفي لبيان هذه
المعاني . كما قد يفهم أمرا من الأمور ويكون عنه فكرة واضحة بذهنه وهو لم يتكلم بعد ، فإذا شرع في التعبير عما حصل في ذهنه من أفكار عجز عن
ذلك . كما أن الفكر فيض متصل من المعاني في تدفق مستمر لا تسعه الألفاظ ، وهو نابض بالحياة والروح ، وهو "ديمومة" لا تعرف الانقسام أو التجزئة
، أما ألفاظ اللغة فهي سلسلة من الأصوات منفصلة ، مجزأة ومتقطعة ، ولا يمكن للمنفصل أن يعبر عن المتصل ، والنتيجة أن اللغة تجمد الفكر في قوالب
الألفاظ قبور « : جامدة فاقدة للحيوية ، لذلك قيل المعاني » . 3- ب نقد منطقهم : إن أسبقية الفكر على اللغة مجرد أسبقية منطقية لا زمنية ؛ فالإنسان يشعر أنه يفكر ويتكلم في آنٍ واحد . والواقع يبين أن التفكير
يستحيل أن يتم بدون لغة ؛ فكيف يمكن أن تمثل في الذهن تصورات لا اسم لها ؟ وكيف تتمايز الأفكار فيما بينها لولا اندراجها في قوالب لغوية ؟
iii - حل المشكل : وهذا يعني انه لا يمكن للفكر أن يتواجد دون لغة ، وان الرغبة في التفكير بدون لغة – كما يقول هيجل – هي محاولة عديمة المعنى ،
فاللغة هي التي تعطي للفكر وجوده الأسمى والأصح ، مما يؤدي بنا إلى القول إن الأطروحة السابقة أطروحة صحيحة . مقالة الخامسة : هل قدرة الإنسان على التفكير تتناسب مع قدرته على التعبير؟ جدلية
طرح الإشكالية : يعتبر التفكير ميزة أساسية ينفرد بها الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى ومن منطلق أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فإنه يحتاج ولا
شك إلى وسيلة إلى الاتصال والتواصل مع غيرك من الناس وللتعبير عن أفكاره وهذا ما يعرف في الفلسفة بالغة فإذا كنا أمام موقفين متعارضين أحد هما
يرى أن العلاقة اللغة بالفكر انفصال والأخر يرى أنها علاقة اتصال فالمشكلة المطروحة هل العلاقة بين اللغة والفكر علاقة اتصال أم انفصال ؟
التحليل : عرض الأطروحة الأولى : ترى هذه الأطروحة )الاتجاه الثنائي ) أن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة انفصال أي أنه لا يوجد توازن بين لا يملكه الإنسان
من أفكار وتصورات وما يملكه من ألفاظ وكلمات فالفكر أوسع من اللغة أنصار هذه الأطروحة أبو حيان التوحيدي الذي قال : ))ليس في قوة اللغة أن
تملك المعاني )) ، ويبررون موقفهم بحجة واقعية إن الإنسان في الكثير من المرات تجول بخاطره أفكار لاكته يعجز عن التعبير عنها ومن الأمثلة
التوضيحية أن الأم عندما تسمع بخبر نجاح ابنها تلجأ إلى الدموع للتعبير عن حالتها الفكرية والشعورية وهذا يدل على اللغة وعدم مواكبتها للفكر ومن
أنصار هذه الأطروحة الفرنسي برغسون الذي قال : )) الفكر ذاتي وفردي واللغة موضوعية واجتماعية (( ، وبهذه المقارنة أن اللغة لا يستطيع التعبير
عن الفكر وهذا يثبت الانفصال بينهما . النقد : هذه الأطروحة تصف اللغة بالعجز وبأنها تعرقل الفكر لكن اللغة ساهمت على العصور في الحفاظ على الإبداع الإنساني ونقله إلى الأجيال المختلفة
. عرض الأطروحة الثانية : ترى هذه الأطروحة ( الاتجاه الو احدي( إن هناك علاقة اتصال بين اللغة والفكر مما يثبت وجود تناسب وتلازم بين ما تملكه
من أفكار وما تملكه من ألفاظ وعبارات في عصرنا هذا حيث أثبتت التجارب التي قام بها هؤلاء أن هناك علاقة قوية بين النمو الفكري والنمو اللغوي
وكل خلل يصيب أحداهما ينعكس سلبا على الأخر ومن أنصار هذه الأطروحة هاملتون الذي قال (( الألفاظ حصون المعاني(( وقصد بذلك إن المعاني
سريعة الظهور وسريعة الزوال وهي تشبه في ذلك شرارات النار ولا يمكن الإمساك بالمعاني إلا بواسطة اللغة )) . النقد : هذه الأطروحة ربطت بين اللغة والفكر لكن من الناحية الواقعية يشعر أكثر الناس بعدم المساواة بين قدرتهم على التفكير وقدرتهم على التعبير . التركيب : تعتبر مشكلة اللغة والفكر أحد المشكلات الفلسفية الكلاسيكية واليوم يحاول علماء اللسانيات الفصل في هذه المشكلة بحيث أكدت هذه الدراسات
أن هناك ارتباط وثيق بين اللغة والفكر والدليل عصر الانحطاط في الأدب العربي مثلا شهد تخلفا في الفكر واللغة عكس عصر النهضة والإبداع ومن
المقولات الفلسفية التي تترجم وتخلص هذه العلاقة قول دولا كروا (( نحن لا نفكر بصورة حسنة أو سيئة إلا لأن لغتنا مصنوعة صناعة حسنة أو سيئة )) حل الإشكالية : وخلاصة القول أن اللغة ظاهرة إنسانية إنها الحل الذي يفصل بين الإنسان والحيوان ولا يمكن أن نتحدث عن اللغة إلا إذا تحدثنا عن الفكر
وكمحاولة للخروج من الإشكالية إشكالية العلاقة بين اللغة والفكر نقول أن الحجج والبراهين الاتجاه الو احدي كانت قوية ومقنعة ومنه نستنتج العلاقة بين
العلاقة بين اللغة والفكر علاقة تفاعل وتكامل . المقالة السادسة : هل اللغة منفصلة عن الفكر؟ جدلية
طرح المشكلة : للغة معنيان عام وخاص ، يتحدد المعنى الأخير حسب لالاند في كونها التعبير الكلامي عن الفكر داخليا وخارجيا أي أثناء عمليتي التفكير
الداخلي والتواصل الخارجي. ولكن ماذا نستنتج من كلمة "التعبير"؟ هل يعني ذلك أن اللغة تعبر بعديا عن فكر سابق ومستقل؟ أم أن الفكر لا يوجد قبل أو
خارج سيرورة التعبير اللغوي؟ بعبارة أخرى: هل تجمع الفكر واللغة علاقة أسبقية وانفصال أم علاقة تزامن واتصال؟
الأطروحة والبرهنة عليها : يرى أنصار الاتجاه الثنائي أن الفكر سابق عل اللغة وأوسع منها أي العلاقة بينهما هي علاقة انفصال . وقد استشهدوا على
ذلك بالتجربة أو الملاحظة الداخلية أو ما يسمى بالاستبطان والتي تؤكد وجود فكر غير منطوق به أي فكرا خالصا منفصلا عن التعبير اللغوي ، وتتخذ
هذه الأسبقية شكلين: أسبقية زمنية تتمثل في أن لحظة إنتاج الأفكار سابقة في الزمن على لحظة التعبير عنها وكأننا نفكر أولا ثم ننتقل بعد ذلك إلى إلباس
الكلمات لفكرنا . قال برغسون : وهو أحد أنصار الاتجاه الثنائي-" ليست الموضوعات الخارجية وحدها هي التي تختفي عنا، بل إن حالاتنا النفسية هي الأخرى لتفلت من
طائلتنا بما فيها من طابع ذاتي شخصي حي أصيل ". وقال أيضا :" وحينما نشعر بمحبة أو كراهية أو حينما نحس في أعماق نفوسنا بأننا فرحون أو مكتئبون ، فهل تكون عاطفتنا ذاتها هي التي تصل إلى
شعورنا؟ ". نفهم من هذا ، أن اللغة عاجزة عن نقل حقيقة العالم الخارجي ، لأن اللغة تعبر عن المعاني العامة . ولأن اللغة مرتبطة من جهة أخرى بالحاجة. كذلك أن
اللغة عاجزة عن التعبير عن حالاتنا النفسية ، لأن الأصل الاجتماعي للغة وطابعها الأداتي يوجهها للتعبير عن عما هو عام مشترك موضوعي لا ماهو
خاص وفردي وحميمي ، فرغم أن كل واحد منا يحب ويكره .. إلا أننا نختلف في الحب والكراهية . إذن فاللغة محدودة . وفي الاتجاه نفسه يشتكي
المتصوفة عجز اللغة عن التعبير عما يعيشونه من حقائق فيبدو لنا ما يقولونه مجرد شطحات تعارض النصوص الشرعية . فهذا الحلاج كان يقول "ليس
في الجبة إلاّ الله". و هذا البسطامي يقول : "سبحاني ما أعظم شأني" و ربما هذا ما قصده فاليري في قوله : " إن أجمل الأفكار هي تلك التي لا نستطيع
التعبير عنها " . وفي هذا الإطار عينه تندرج الثنائية الديكارتية التي تنسب للفكر طبيعة روحية وللغة طبيعة مادية لتخلص إلى استحالة ارتباطهما أو تداخلهما، رغم أن
ديكارت يقر بان الكلام علامة على الفكر ودليل على الوعي والعقل المنفرد بهما الإنسان . ونخلص من كل ما سبق إلى أنه لا يوجد تناسب بين القدرة على الفهم والتمثل والقدرة على التعبير. وهذا ما يؤكد أسبقية الفكر على اللغة وانفصاله عنها
،حسب أنصار هذا الاتجاه .
المناقشة: . ولكن هل يمكن حقا للفكر أن يوجد بمعزل عن اللغة ؟ ألا نجانب الصواب عندما ننتهي مع أنصار الاتجاه الثنائي إلى أن اللغة لا تعدو أن تكون
سوى أداة بعدية ثانوية تعبر عن فكر خالص مستقل؟ ثم إنه حتى و إن سلمنا بعدم وجود تناسب بين الفكر واللغة فإننا نرفض القول بوجود فكر مستقل عن
اللغة.إن الطفل لا يقوى على التفكير بدون لغة . نقيض الأطروحة والبرهنة : أنصار الاتجاه الو احدي : يذهب أنصار الاتجاه الو احدي إلى أنه لا وجود لفكر دون لغة. فهما مترابطان ومتلازمان أي أن
العلاقة بينهما علاقة اتصال . - وقد استشهدوا على ذلك بأن اللغة شرط تحقق الفكر وإنتاج المعنى وانفتاح الوعي: فإذا كان الفكر ليس جوهرا ميتافيزيقيا ، بل نشاطا كليا يتمظهر في
عمليات جزئية كالتذكر والمقارنة والترتيب...فإن تحققها غير ممكن بدون أداة رمزية لغوية . - إن المعنى يؤخذ من الكلام والكلام هو الوجود الخارجي للمعنى حسب ميرلوبونتي الذي يضيف بأن وعي الذات المفكرة بأفكارها متوقف على تعبيرها
عنها ولو لذاتها . بل إن هناك من يذهب أبعد من ذلك فيرجع خاصية الوعي لدى الإنسان إلى قدرته على ترميز الأشياء والدلالة عليها. و إذا استعرنا تعبير ارنست كاسيرر
سنقول بأن الإنسان كائن واع لأنه أولا حيوان رامز أي قادر على الإحالة على الأشياء من خلال رموزها . وقد عبر عن ذلك بنفنيست بقوله: " الإنسان
يسمي إحساساته ولا يكتفي بالتعبير عنها ". بأي شيء يتميز الموجود في الذهن إن لم يكن بالعلاقات والرموز؟ وهذه فكرة تلتقي مع تصور عالم اللسانيات "دوسوسير" الذي لا يرى في الفكر قبل لغة
سوى سديم أو عماء ضبابي لاشيء متميز فيه قبل ظهور اللسان ، من ذلك مثلا أنه يستحيل التمييز بين فكرتين متقاربتين كالتقديس والاحترام دون
الاستعانة بمقابليهما من الرموز اللسانية . كما أن حصول الدلالة اللسانية لا يتم بالمدلول وحده أي الفكرة أو التصور الذهني، بل باقتران هذا الأخير بالدال
أو الصورة السمعية، وعليه فالدلالة لا تدرك إن لم يكن ثمة دال. بأي شيء يتميز الموجود في الذهن إن لم يكن بالعلاقات والرموز؟ وهذه فكرة تلتقي مع
تصور عالم اللسانيات "دوسوسير" الذي لا يرى في الفكر قبل اللغة سوى سديم أو عماء ضبابي لاشيء متميز فيه قبل ظهور اللسان، من ذلك مثلا أنه
يستحيل التمييز بين فكرتين متقاربتين كالتقديس والاحترام دون الاستعانة بمقابليهما من الرموز اللسانية. كما أن حصول الدلالة اللسانية لا يتم بالمدلول
وحده أي الفكرة أو التصور الذهني ، بل باقتران هذا الأخير بالدال أو الصورة السمعية، وعليه فالدلالة لا تدرك إن لم يكن ثمة دال. " الألفاظ حصون
المعاني". وذهب دوسوسير نفسه إلى حد تشبيه العلاقة بين اللغة والفكر بالورقة ظهرها الفكر ووجهها اللغة ولا يمكن تمزيق الوجه دون التأثير على ظهر
الورقة. وقد عبر هيجل عن هذه العلاقة بقوله : "إننا نفكر داخل كلمات ". المناقشة : إن أصحاب الاتجاه الو احدي ككل يدعوننا إلى المطابقة بين اللغة والفكر ، فإلى أي حد تصح هذه المطابقة ؟ ثم كيف نطابق بينهما ولكل منا
تجربة شخصية تعلمه أن الفكرة أحيانا تحضر أولا ونتأخر أو نفشل في إيجاد التعبير الملائم عنها ؟ إننا وإن سلمنا مع أنصار هذا الاتجاه بالصلة الوثيقة
بين اللغة والفكر فإننا نرفض المطابقة بينهما . التركيب : إننا نرفض القول بوجود فكر مستقل عن اللغة أي لا يمكن فصل الفكر عن اللغة ، كما نرفض المطابقة بينهما أي لا يمكن اعتبارهما شيئا واحدا
. ولذلك فالعلاقة بين اللغة والفكر هي علاقة تبادلية أي علاقة تأثير وتأثر ، فاللغة تؤثر في الفكر وتتأثر به ، فاللغة تزود الفكر بأطر التفكير من خلال
المفاهيم والعلاقات والفكر يساعد اللغة على التجديد . حل المشكلة : رغم أنه لا يوجد تناسب بين القدرة على الفهم والتمثل و القدرة على التعبير إلا أنه لا يمكن القول باستقلال الفكر عن اللغة هذا من جهة
ومن جهة أخرى فإن اللغة هي أفضل أداة للتعبير عن الأشياء و عن حالاتنا النفسية .
الذاكرة :
هل أساس الاحتفاظ بالذكريات بيولوجي أم اجتماعي؟ جدلية
طرح المشكلة : يمتاز الإنسان بقدرته على استخدام ماضيه و الاستفادة منه للتكيف مع ما يواجهه من ظروف فهو لا يدرك الجديد إلاّ تحت نور الماضي
أو الذكريات ،وهذه الذكريات هي التي تقدم له مواده الأولية لتنشيط مختلف ملكاته العقلية ولكن هذه الذكريات كيف يمكن لها أن تبقى في متناولنا ؟ أين
وعلى أي شكل تكون ذكرياتنا في الحالة التي لا نضطر إلى استحضارها ؟ وكيف تستمد حياتها عند الحاجة ؟ أو بعبارة أصح هل أساس ذكرياتنا بيولوجي
أم اجتماعي ؟ . محاولة حل المشكلة : يرى أنصار النظرية المادية وبوحي من الفكرة الديكارتية القاتلة بأن الذاكرة تكمن في ثنايا الجسم ، أي الانطباعات التي تحدثها الأشياء الخارجية في
الدماغ وتبقي بقاءها على لوحة التصوير، أي أن الذكريات تترك لها آثاراً في المخ كما تترك الذبذبات الصوتية على اسطوانة الإلكتروفون وبمعنى أصح
أن المخ كالوعاء على حد تعبير تين يستقبل ويخزن مختلف أنواع الذكريات ولكل ذكرى ما يقابلها من خلايا عصبية حتى ذهب بعضهم إلى التساؤل ما إذا
كانت الخلايا الموجودة في الدماغ كافية من حيث العدد لتسجيل كافة الانطباعات ويعتبر رائد هذه النظرية ريبو الذي يرى في كتابه أمراض الذاكرة
الذاكرة ظاهر بيولوجية الماهية سيكولوجية العرض(، وحسبه أن الذكريات تحفظ في خلايا القشرة الدماغية وتسترجع عندما تحدث إدراكات مماثلة لها ،
وأن عملية التثبيت تتم عن طريق التكرار ، والذكريات الراسخة فيما يرى ريبو هي تلك التي استفادت من تكرار طويل ولهذا فلا عجب إذا بدأ تلاشيها من
الذكريات الحديثة إلى الذكريات القديمة ، بل ومن الحركية إلى العقلية بحيث أننا ننسى الألقاب ثم الأوصاف فالأفعال فالحركات ، ولقد استند ريبو إلى
المشاهدات الباثولوجية المرضية مثل الأمنيزيا وبعض حالات الأفازيا الحركية ، وحسبه أن زوال الذكريات يكون عندما تحدث إصابات على مستوى
الخلايا التي تحملها مثل الحبسة ، وبهذا تصبح الذاكرة مجرد خاصية لدى الأنسجة العصبية ، ويستدل ريبو أيضا بقوله أنه عندما تحدث إصابة لأحد
الأشخاص الذين فقدوا ذاكرتهم فإنه كثيراً ما تعود إليه الذاكرة بنفس الصدمة وهذا من أكبر الأدلة على حسية الذاكرة وماديتها ، وقد جاءت تجارب بروكا
تثبت ذلك بحيث أنه إذا حدث نزيف دموي في قاعدة التلفيف الثالث يولد مرض الحبسة ، كما أن فساد التلفيف الثاني يولد العمى اللفظي وأن فساد التلفيف
الأول يولد الصمم اللفظي ، ويعطي الدكتور دولي براول مثال عن بنت في 32 من عمرها أصابتها رصاصة في المنطقة الجدارية اليمنى ومن جراء هذا
أصبحت لا تتعرف على الأشياء التي توضع في يدها اليسرى رغم أنها بقيت تحتفظ بالقدرة على مختلف الإحساسات النفسية والحرارية فإذا أي شيء في
يدها اليسرى وصفت جميع خصائصه وعجزت عن التعرف عليه ، وبمجرد أن يوضع في يدها اليمنى تعرفت عليه بسرعة وهكذا تبدو الذكريات كما لو
كانت في منطقة معينة من الدماغ ويضيف ريبو دليلاً آخر هو أنه لو أصيب أحد الأشخاص الذين فقدوا ذاكرتهم على مستوى الدماغ إصابة قوية ربما
استعاد ذاكرته وهذا من أقوى الأدلة على حسية الذاكرة وماديتها . لكن على الرغم من كل هذه الأدلة والحجج إلاّ أن هذه النظرية لم تصمد للنقد لأن التفسير المادي الذي ظهر في القرن 91 م لا يمكنه أن يصمد أمام
التجربة ولا أمام النظر الدقيق ففي هذا الصدد نجد الفيلسوف الفرنسي برغسون الذي يرى بأن هذه النظرية تخلط بين الظواهر النفسية و الظواهر
الفيزيولوجية فهي تعتبر الفكر مجرد وظيفة للدماغ ، كذا أن المادة عاجزة عن تفسير الذاكرة يقول لو صح أن تكون الذكرى شيء ما ستحفظ في الدماغ ،
لما أمكنني أن أحتفظ بشيء من الأشياء بذكرى واحدة بل بألوف الذكريات( ، أما بالنسبة لمرض الأفازيا فإن الذكرى لا تزال موجودة إلاّ أن المريض
يصير غير قادر على استرجاعها حتى يحتاج إليها ويذكر الطبيب جون دولاي أن أحد المصابين بالأمنيزيا الحركية فقد تماما إرادة القيام بإشارة الصليب
إلاّ انه توصل تلقائيا إلى القيام بالإشارة عند دخوله الكنيسة . وعلى عكس الرأي الأول يرى أنصار النظرية الاجتماعية أن الغير هو الذي يدفعنا إلى تذكر الحوادث أي التي اشترك معنا فيها في الأسرة أو الشارع أو
المدرسة وفي هذا يقول هالفاكس إنني في أغلب الأحيان عندما أتذكر فإن ذاكرتي تعتمد على ذاكرة الغير ) ، ولقد كان على رأس هذه النظرية بيارجاني
،هالفاكس فهم يرون أن الذاكرة تجد في الحياة الاجتماعية المجال الخصب الذي تستمد منه وجودها وحين نحاول معرفة صلتها العضوية بالجسم إنما كنا
نبحث عن معرفة الآلية التي تترجم الذكريات الماضية و السلوك الراهن والواقع أن هذا السلوك هو الذي يربط بين الفرد والآخرين غير أن الذاكرة
بمعناها الاجتماعي تأخذ بعدا أكبر من هالفاكس فهو يرى أن الذاكرة ترجع إلى المجتمع فالفرد مهما اتسم شعوره بالفردية المتميزة إلى أبعد الحدود فإن
جميع أنواع السلوك التي هي مواد ذكرياته تبقى وتظل اجتماعية واللحظات الوحيدة المستثناة هي أثناء النوم أي الأحلام حيث ينعزل الفرد بكليته عن
الآخرين إلا أن الأحلام تبقى ذات طبيعة مختلفة عن الذكريات يقول هالفاكس إن الحلم لا يعتمد سوى على ذاته في حين أن الذكريات تستمد وجودها من
ذكريات الآخرين ومن القاعدة العامة للذاكرة الاجتماعية(، ويكون التفاهم بواسطة اللغة في الوقت ذاته فهي الإطار الأول والأكثر ثباتا للذاكرة الاجتماعية
، وهكذا فالعقل ينشئ الذكريات تحت تأثير الضغط الاجتماعي إذاً فلا وجود لذاكر فردية فالذاكرة هي ذاكرة جماعية ، هي ذاكرة الزمرة والأسرة
والجماعة الدينية والطبقة الاجتماعية والأمة التي تنتمي إليها وفي جميع الأحوال فإن ذكرياتنا ترتبط بذكريات الجماعة التي ننتمي إليها ، فالإنسان ضمن
الجماعة لا يعيش ماضيه الخاص بل يعيش ماضيه الجماعي المشترك فالاحتفالات الدينية والوطنية هي إعادة بنا الماضي الجماعي المشترك . غير أن هذا الرأي هو الآخر لم يصمد للنقد مع أنه اعتمد على الواقع ، فصحيح أن الذاكرة تنظم داخل أطر اجتماعية ولكن ليس العامل الاجتماعي عاملاً
أساسيا وكافيا لوحده لأنه بإمكان الفرد أن يتذكر شيئا ذا قيمة بالنسبة له وحده بالإضافة إلى أنه إذا كان تذكر الفرد يكون دائما من خلال ماضيه المشترك
مع الجماعة فيكون ذلك معناه أن شعور الفرد جزء من شعور الجماعة وهذا أمر مستحيل . أن العيب الذي تؤاخذ عليه النظريتين أنهما عالجتا موضوع الذاكرة المعقد كل على حدا وذلك لاختلاف منهجهم في حين أن الذاكرة عملية تتظافر فيها
جميع العوامل الخارجية المتمثلة في الجماعة بالإضافة إلى كل هذا فإنه لا يمكن أن نقف موقف اختيار بين النظريتين ولا يمكننا أيضا قبولهما على أنها
صادقة فإذا كانت النظرية المادية قد قامت على بعض التجارب فقد تبين مدى الصعوبة التي تواجه التجربة أما الاجتماعية فإنها تبقى نسبية نظر اً للإرادة
التي يتمتع بها الفرد دون أن ننسى الجانب النفسي للفرد . حل المشكلة : وخلاصة القول أنه من غير الممكن إرجاع الذاكرة إلى عامل واحد لأنها عملية عقلية تتظافر فيها جملة من العوامل الذهنية والعضوية
الاجتماعية وبهذا فإن أساس الذكريات نتاج اجتماعي وبيولوجي مع اً . المقالة العاشرة : هل الذاكرة ظاهرة اجتماعية أم بيولوجية ؟ : جدلية
I - طرح المشكل :اختلفت الأطروحات والتفسيرات فيما يتعلق بطبيعة الذاكرة وحفظ الذكريات . فاعتقد البعض أن الذاكرة ذات طبيعة اجتماعية ، وان
الذكريات مجرد خبرات مشتركة بين أفراد الجماعة الواحدة . واعتقد آخرون أن الذاكرة مجرد وظيفة مادية من وظائف الدماغ ؛ الأمر الذي يدعونا إلى
طرح المشكلة التالية : هل الذاكرة ذات طابع اجتماعي أم مادي بيولوجي ؟
II- محاولة حل المشكل
1- أ - عرض الأطروحة : أنصار النظرية الاجتماعية : أساس الذاكرة هو المجتمع ؛ أي إنها ظاهرة اجتماعية بالدرجة الأولى . 1- ب- الحجة :لأن – أصل كل ذكرى الإدراك الحسي ، والإنسان حتى ولو كان منعزلا فانه عندما يدرك أمرا ويثبته في ذهنه فإنه يعطيه إسما ليميزه عن
المدركات السابقة ، وهو في ذلك يعتمد على اللغة ، واللغة ذات طابع اجتماعي ، لذلك فالذكريات تحفظ بواسطة إشارات ورموز اللغة ، التي تُكتسب من
المجتمع . - إن الفرد لا يعود إلى الذاكرة ليسترجع ما فيها من صور ، إلا إذا دفعه الغير إلى ذلك أو وجه إليه سؤالا ، فأنت مثلا لا تتذكر مرحلة الابتدائي أو
المتوسط إلا إذا رأيت زميلا لك شاركك تلك المرحلة ، أو إذا وجه إليك سؤالا حولها ، لذلك فإن معظم خبراتنا من طبيعة اجتماعية ، وهي تتعلق بالغير ،
ونسبة ما هو فردي فيها ضئيل ، يقول هالفاكس : " إنني في أغلب الأحيان حينما أتذكر فإن الغير هو الذي يدفعني إلى التذكر ... لأن ذاكرتي تساعد
ذاكرته ، كما أن ذاكرته تساعد ذاكرتي " . ويقول : " ليس هناك ما يدعو للبحث عن موضوع الذكريات وأين تحفظ إذ أنني أتذكرها من الخارج ... فالزمرة الاجتماعية التي انتسب إليها هي التي
تقدم إلي جميع الوسائل لإعادة بنائها " - والإنسان لكي يتعرف على ذكرياته ويحدد إطارها الزماني والمكاني ، فإنه في الغالب يلجأ إلى أحداث اجتماعية ، فيقول مثلا ) حدث ذلك أثناء .... أو
قبل .... و في المكان ..... وعليه فالذكريات بدون أطر اجتماعية تبقى صور غير محددة وكأنها تخيلات ، يقول : ب . جاني : " لو كان الإنسان وحيدا
لما كانت له ذاكرة ولما كان بحاجة إليها " . 1- ج- النقد : لو كانت الذاكرة ظاهرة اجتماعية بالأساس ، فيلزم عن ذلك أن تكون ذكريات جميع الأفراد المتواجدين داخل المجتمع الواحد متماثلة ، وهذا
غير واقع . ثم أن الفرد حينما يتذكر ، لا يتذكر دائما ماضيه المشترك مع الغير ، فقد يتذكر حوادث شخصية لا علاقة للغير بها ولم يطلب منه احد تذكرها
) كما هو الحال في حالات العزلة عندما نتذكر بدافع مؤثر شخصي ( ، مما يعني وجود ذكريات فردية خالصة .
2- أ- عرض نقيض الأطروحة : النظرية المادية : الذاكرة وظيفة مادية بالدرجة الأولى ، وترتبط بالنشاط العصبي ) الدماغ ) . 2- ب- الحجة :لأن : - الذاكرة ترتبط بالدماغ ، وإصابته في منطقة ما تؤدي إلى تلف الذكريات ) من ذلك الفقدان الكلي أو الجزئي للذكريات في بعض
الحوادث ) . - بعض أمراض الذاكرة لها علاقة بالاضطرابات التي تصيب الجملة العصبية عموما والدماغ على وجه الخصوص ، فالحسبة أو الافازيا ( التي هي من
مظاهر فقدان الذاكرة ( سببها إصابة منطقة بروكا في قاعدة التلفيف الثالث من الجهة الشمالية للدماغ ، أو بسبب نزيف دموي في الفص الجداري الأيمن
من الجهة اليسرى للدماغ ، مثال ذلك الفتاة التي أصيبت برصاصة أدت إلى نزيف في الفص الجداري الأيمن من الجهة اليسرى للدماغ ، فكانت لا تتعرف
على الأشياء الموضوعة في يدها اليسرى بعد تعصيب عينيها ، فهي تحوم حولها وتصفها دون أن تذكرها بالاسم ، وتتعرف عليها مباشرة بعد وضعها في
يدها اليمنى
يقول تين Taine: " إن الدماغ وعاء يستقبل ويختزن مختلف الذكريات " ، ويقول ريبو : " الذاكرة وظيفة بيولوجية بالماهية " 2- ج- النقد : إن ما يفند مزاعم أنصار النظرية المادية هو أن فقدان الذاكرة لا يعود دائما إلى أسباب عضوية )إصابات في الدماغ( فقد يكون لأسباب نفسية
) صدمات نفسية ( ... ثم إن الذاكرة قائمة على عنصر الانتقاء سواء في مرحلة التحصيل والتثبيت أو في مرحلة الاسترجاع ، وهذا الانتقاء لا يمكن
تفسيره إلا بالميل والاهتمام والرغبة والوعي والشعور بالموقف الذي يتطلب التذكر .. وهذه كلها أمور نفسية لا مادية . 3- التركيب ) تجاوز الموقفين ( : ومنه يتبين أن الذاكرة رغم أنها تشترط اطر اجتماعية نسترجع فيها صور الذكريات ونحدد من خلالها إطارها الزماني
والمكاني ، بالإضافة إلى سلامة الجملة العصبية والدماغ على وجه التحديد ، إلا أنها تبقى أحوال نفسية خالصة ، إنها ديمومة نفسية أي روح ، وتتحكم
فيها مجموعة من العوامل النفسية كالرغبات والميول والدوافع والشعور .. الأمثلة : إن قدرة الشاعر على حفظ الشعر اكبر من قدرة الرياضي . ومقدرة الرياضي في حفظ الأرقام والمسائل الرياضية اكبر من مقدرة الفيلسوف ...
وهكذا , والفرد في حالة القلق والتعب يكون اقل قدرة على الحفظ , وهذا بالإضافة إلى السمات الشخصية التي تؤثر إيجابا أو سلبا على القدرة على التعلم
والتذكر كعامل السن ومستوى الذكاء والخبرات السابقة .. III- حل المشكل : وهكذا يتضح أن الذاكرة ذات طبيعة معقدة ، يتداخل ويتشابك فيها ما هو مادي مع ما هو اجتماعي مع ما هو نفسي ، بحث لا يمكن أن
نهمل أو نغلّب فيها عنصرا من هذه العناصر الثلاث . ملاحظة : يمكن في التركيب الجمع بين الموقفين ، و ليس من الضروري تجاوزهما .
جدلية
طرح المشكلة : إن الدولة – كجهاز سياسي – إنما وُجدت لأجل تحقيق غايات أسمى
؛ هي بالاساس تحقيق العدل وحماية الحريات العامة للافراد وكذا ضمان حقوقهم ،
وهذه هي نفسها الاسس التي تقوم عليها الديمقراطية السياسية ، مما جعل
انصارها يعتقدون ان ديمقراطيهم هي الديمقراطية الحقة التي من شأنها أن تجسد
الغاية التي وجدت من أجلها الدولة ، فهل يمكن الاخذ بهذا الرأي ؟
محاولة حل المشكلة : 1- أ - يرى أنصار المذهب الليبيرالي ودعاة الحرية ، أن تحقيق نظام سياسي راشد
يجسد الغاية من وجود الدولة ، مرهون باقرار الديمقراطية السياسية كنظام حكم ،
والذي هو – دون شك – النظام الوحيد الذي يصون حريات الافراد ويضمن حقوقهم
ويحقق العدالة بينهم . 1- ب – وما يثبت ذلك ، الديمقراطية السياسية أو الليبيرالية تنادي بالحرية في
جميع المجالات ؛ أولها الحرية الاقتصادية التي تعني حرية الفرد في التملك والانتاج
والتسويق والاستثمار ... دون تدخل الدولة ، لأن وظيفة الدولة سياسية تتمثل
بالخصوص في ضمان وحماية الحريات والحقوق الفردية ، وتدخلها معناه تعديها
على تلك الحريات والحقوق . وثانيا الحرية الفكرية والشخصية ، التي تعني اقرار
حق الفرد في التعبير وضمان سرية الاتصالات والمراسلات وضمان حرية العقيدة
والتدين . وأخيرا الحرية السياسية ، حيث للفرد الحق في المعارضة وإنشاء
الاحزاب أو الانخراط فيها ، وكذا المشاركة في اتخاذ القرارات عن طريق النواب
الذين ينتخبهم لتمثيله والتعبير عن ارادته . كما ان الديمقراطية السياسية تقوم على فصل السلطات من تشريعية وتنفيذية
وقضائية .. مما يعني ان القضاء مستقل ، ومن شأن ذلك ان يحقق العدل بين
الافراد الذين يضعهم القانون على قدم المساواة . أما العدالة الاجتماعية – التي تعد من أهم الغايات التي جاءت من أجلها الدولة –
فإن الديمقراطية السياسية تراعي في تحقيقها احترام الفروق الفردية ، باعتبار أن
الافراد متفاوتون في في القدرات والمواهب وفي ارادة العمل وقيمة الجهد
المبذول .. وبالتالي ينبغي الاعتراف بهدا التفاوت وتشجيعه . 1- ج - لكن نظام حكم بهذا الشكل ناقص ؛ فالديمقراطية السياسية تهتم بالجانب
السياسي وتهمل الجانب الاجتماعي ، حيث تنادي بالحرية فقط دون الاهتمام
بالمساواة بين الافراد اجتماعيا واقتصاديا ، والحرية السياسية والفكرية لا تعني
شيئا لمواطن لا يكاد يجد قوت يومه . ومن جهة ثانية ، أن غياب المساواة الاجتماعية والاقتصادية ادى الى غياب
المساواة السياسية ، فالاحزاب والجمعيات بحاجة الى وسائل إعلام ) صحف ،
محطات إذاعية وتلفزية .. ( لتعبر عن ارادتها ، وبحاجة الى دعاية لتروج لأفكارها ..
وهذا كله بحاجة الى رؤوس أموال التي لا تتوفر الا عند الرأسماليين الكبار ،
والنتيجة اصبحت الطبقة المسيطرة اقتصاديا مسيطرة ساسيا ، أي سيطرة
الرأسماليين على دواليب الحكم .
2- أ - وبخلاف ما سبق ، يرى أنصار المذهب الاشتراكي ودعاة المساواة ، ان النظام
السياسي الذي من شأنه أن يقضي على كل مظاهر الظلم والغبن والاستغلال هو
اقرار الديمقراطية الاجتماعية ، التي هي الديمقراطة الحقيقية التي تحقق
المساواة والعدل ، وتجسد – من ثمّ – الغاية التي وجدت الدولة من أجلها . 2- ب - وما يؤكد ذلك ، أن اساس الديمقراطية الاشتراكية هو المساواة الاجتماعية ،
عن طريق القضاء على الملكية الفردية المستغِلة التي ادت الى بروز الطبقية
الفاحشة ، وقيام ملكية جماعية يتساوى فيها الجميع بتساويهم في ملكية وسائل
الانتاج . كما تنادي هذه الديمقراطة بضرورة تدخل الدولة في إقرار مبدأ تكافؤ
الفرص بين كل الافراد ومساواتهم في الشروط المادية والاجتماعية ، مما يؤدي
الى القضاء على كل مظاهر الظلم واستغلال الانسان لأخيه ، وبذلك تتحقق
المساواة الفعلية والعدالة الحقيقية بين كل فئات الشعب . 2- ج - إن المناداة بالمساواة نظريا لا يعني بالضرورة تحقيقها فعليا ، ومن جهة اخرى
فاهتمام الديمقراطية الاشتراكية بالجانب الاجتماعي واهمالها الجانب السياسي
أدى الى خلق أنظمة سياسية شمولية ديكتاتورية مقيدة للحريات ، محولة بذلك
افراد المجتمع الى قطيع .. 3- في الحقيقة ان المجتمع الذي يتوخى العدل هو المجتمع الذي يتبنى
الديمقراطية نظاما لحياته ، تلك الديمقراطية التي ينبغي لها أن تهتم بالجانب
السياسي فتضمن حريات الافراد وتحمي حقوقهم ، كما ينبغي لها أيضا أن تهتم
بالجانب الاجتماعي فتعمل على إقامة مساواة فعلية حقيقية بينهم ، فتتحقق بذلك
العدالة ، وتتجسد وظيفة الدولة الاصيلة . حل المشكلة : وهكذا يتضح ، ان الديمقراطية السياسية – كنظام حكم – لا تحقق
الغاية التي وجدت من أجلها الدولة ، لأهمالها جانبا مهما هو المساواة الاجتماعية
التي هي روح العدالة الحقيقية . وعليه فالنظام السياسي الراشد هو الذي يضمن
حرية الافراد سياسيا ويساوي بينهم اجتماعيا
السلام عليكم
هاته المقالات الاكثر توقع والتي تداولة بكثرة بين الاساتذة والمنتديات والمواضيع
اللغة والفكر
الذاكرة
الابداع
الحقيقة
الانظمة السياسية
الديمقراطية بين الحرية والمساواة
الحكم الفردي والجماعي
وهي هنا كلها بمقالاتها وبمختلف اسئلتها
اللغة و الفكر :
هل يمكن تصور وجود أفكار خارج إطار اللغة ؟
طرح المشكلة : لقد شغلت العلاقة بين اللغة والفكر بال فلاسفة اللغة وعلمائها ؛ فاعتقد البعض منهم أن هناك تطابق مطلق بينهما ، ولا وجود لأفكارٍ لا
تستطيع اللغة التعبير عنها ، واعتقد آخرون أن هناك انفصال بين اللغة والفكر ، مما يلزم عنه إمكان تواجد أفكار تعجز اللغة عن التعبير عنها وتوصيلها
للغير ، فهل فعلا يمكن أن يكون هناك أفكارا بدون لغة ؟ بمعنى آخر : هل يمكن أن توجد أفكار خارج حدود اللغة ؟
محاولة حل المشكلة : 1- أ- عرض الأطروحة : يرى بعض المفكرين من أنصار الاتجاه الثنائي ، أنه لا يوجد تطابق وتناسب بين عالم الأفكار وعالم الألفاظ ، فالفكر اسبق من
اللغة وأوسع منها ، وأن ما يملكه الفرد من أفكار ومعان يفوق بكثير ما يملكه من ألفاظ وكلمات ، مما يعني انه يمكن أن تتواجد أفكار خارج إطار اللغة .
ويدافع عن هذه الوجهة من النظر الفلاسفة الحدسانيون أمثال الفرنسي "برغسون" والرمزيون من الأدباء والفنانين ، وكذا الصوفية الذين يسمون أنفسهم
أهل الباطن والحقائق الكبرى . 1- ب- الحجة : وما يؤكد ذلك ، أن الإنسان كثيرا ما يدرك كما زاخراً من المعاني والأفكار تتزاحم في ذهنه ، وفي المقابل لا يجد إلا ألفاظا محدودة لا
تكفي لبيان هذه المعاني والأفكار. كما قد يفهم أمرا من الأمور ويكوّن عنه صورة واضحة بذهنه وهو لم يتكلم بعد ، فإذا شرع في التعبير عما حصل في
فكره من أفكار عجز عن ذلك . كما قد يحصل أننا نتوقف – لحظات – أثناء الحديث أو الكتابة بحثا عن كلمات مناسبة لمعنى معين ، أو نقوم بتشطيب أو
تمزيق ما نكتبه ثم نعيد صياغته من جديد ... و في هذا المعنى يقول " برغسون " : « إننا نملك أفكارا أكثر مما نملك اصواتا » . ثم إن الألفاظ وُضعت – أصلا – للتعبير عما تواضع واصطلح عليه الناس بغية التواصل وتبادل المنافع ، فهي إذن لا تعبر إلا على ما تواضع عليه الناس
واصطلحوا عليه )أي مايعرف بالناحية الاجتماعية للفكر( ، وتبقى داخل كل إنسان جوانب عميقة خاصة وذاتية من عواطف ومشاعر لا يستطيع التعبير
عنها ، لذلك فاللغة عاجزة عن نقل ما نشعر به للآخرين ، يقول " فاليري " : « ولهذا تمّ ابتكار وسائل .» أجمل الأفكار ، تلك التي لا نستطيع التعبير عنها
تعبير بديلة عن اللغة كالرسم والموسيقى .. وفضلا عن ذلك ، فإن الفكر فيض متصل من المعاني في تدفق مستمر ، أشبه بالسيل الجارف لا يعرف الانقسام أو التجزئة ، وهو نابض بالحياة والروح
أي "ديمومة" ، أما ألفاظ اللغة فهي سلسلة من الأصوات منفصلة ، مجزأة ومتقطعة ، ولا يمكن للمنفصل أن يعبر عن المتصل ، والنتيجة أن اللغة تجمد
الألفاظ قبور المعاني « : الفكر في قوالب جامدة فاقدة للحيوية ، لذلك قيل » . 1- ج- النقد : لكن القول أن الفكر أوسع من اللغة واسبق منها ليس إلا مجرد افتراض وهمي ، فإذا كنا ندرك معانٍ ثم نبحث لها عن ألفاظ ما يبرر أسبقية
الفكر على اللغة ، فإن العكس قد يحدث أيضا حيث نردد ألفاظ دون حصول معانٍ تقابلها وهو ما يعرف في علم النفس ب"الببغائية" أفلا يعني ذلك أن اللغة
اسبق من الفكر ؟ وحتى لو سلمنا – جدلا – بوجود أسبقية الفكر على اللغة فإنها مجرد أسبقية منطقية لا زمنية ؛ فالإنسان يشعر أنه يفكر ويتكلم في آنٍ
واحد . والواقع يبين أن التفكير يستحيل أن يتم بدون لغة ؛ فكيف يمكن أن تمثل في الذهن تصورات لا اسم لها ؟ وكيف تتمايز الأفكار فيما بينها لولا
اندراجها في قوالب لغوية ؟ ثم لو كانت اللغة عاجزة على التعبير عن جميع أفكارنا فالعيب قد لا يكون في اللغة ، بل في مستعملها الذي قد يكون فاقد
لثروة لغوية تمكنه من التعبير عن أفكاره . 2- أ- نقيض الأطروحة : يعتقد معظم فلاسفة اللغة وعلمائها من أنصار الاتجاه الأحادي ، أن هناك تناسب بين الفكر واللغة ، وعليه فعالم الأفكار يتطابق
مع عالم الألفاظ ، أي أن معاني الأفكار تتطابق مع دلالة الألفاظ ، ولا وجود لأفكار خارج إطار اللغة ، والى ذلك يذهب الفيلسوف الفرنسي " ديكارت"
والألماني "هيجل" والمفكر الانجليزي "هاملتون" وعالم النفس الأمريكي " واطسن" ، الذين يؤكدون جميعهم أن بين اللغة والفكر اتصال ووحدة عضوية
وهما بمثابة أن الفكر لغة صامتة واللغة « وجهي العملة النقدية غير القابلة للتجزئة ، باعتبار فكر ناطق .» 2- ب- الحجة : وما يثبت ذلك ، أن الملاحظة المتأملة وعلم النفس يؤكدان أن الطفل يولد صفحة بيضاء خاليا تماما من أي أفكار ، ويبدأ في اكتسابها
بالموازاة مع تعلمه اللغة ، أي أنه يتعلم التفكير في نفس الوقت الذي يتعلم فيه اللغة . وعندما يصل الفرد إلى مرحلة النضج العقلي فإنه يفكر باللغة التي
يتقنها ، مهما كانت « ف » ، فالأفكار لا ترد إلى الذهن مجردة ، بل مغلفة باللغة التي نعرفها الأفكار التي تجيئي إلى فكر الإنسان ، فإنها لا تستطيع أن تنشأ
وتوجد إلا على مادة وأنه حسب "هيجل" أي محاولة للتفكير بدون لغة هي محاولة عديمة الجدوى ، . » اللغة فاللغة هي التي تعطي للفكر وجده الأسمى
والأصح . ثم إننا لا نعرف حصول فكرة جديدة في ذهن صاحبها إلا إذا تميزت عن الأفكار السابقة ، ولا يوجد ما يمايزها إلا علامة لغوية منطوقة أو مكتوبة . كما أن الأفكار تبقى عديمة المعنى في ذهن صاحبها ولم تتجسد في الواقع ، ولا سبيل إلى ذلك إلا ألفاظ اللغة التي تدرك إدراكا حسيا ، فاللغة إذن هي التي
تبرز الفكر من حيز الكتمان إلى حيز التصريح ، ولولاها لبقي الكلمة لباس المعنى ولولاها لبقي مجهولا « : كامنا عدما ، لذلك قيل .» والنتيجة أن العلاقة بين اللغة والفكر بمثابة العلاقة بين الروح بالجسد ، الأمر الذي جعل " إن الألفاظ حصون المعاني « : هاملتون" يقول .» 2- ج- النقد : لكن ورغم ذلك ، فإنه لا وجود لتطابق مطلق بين الفكر واللغة ، بدليل أن القدرة على الفهم تتفاوت مع القدرة على التبليغ ، من ذلك مثلا أنه
إذا خاطبنا شخص بلغة لا نتقنها فإننا نفهم الكثير مما يقول ، لكننا نعجز عن مخاطبته بالمقدار الذي فهمناه ، كما أن الأدباء - مثلا - رغم امتلاكهم لثروة
لغوية يعانون من مشكلة في التبليغ . 3- التركيب : في الحقيقة أن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة ذات تأثير متبادل ، فكلاهما يؤثر في الآخر ويتأثر به ، لكن ورغم ذلك فإنه لا وجود لأفكار لا
تستطيع اللغة أن تعبر عنها ، كما أنه – في نفس الوقت – لا وجود لألفاظ لا تحمل أي فكرة أو معنى . حل المشكلة : وهكذا يتضح انه لا يمكن للفكر أن يتواجد دون لغة ولا لغة دون فكر ، على الاعتبار أن الإنسان بشكل عام يفكر بلغته ويتكلم بفكره ، وهذا
يعني في النهاية أنه يستحيل تصور وجود أفكار خارج إطار اللغة . المقالة الثالثة : دافع عن الأطروحة القائلة : " أن اللغة منفصلة عن الفكر وتعيقه " الاستقصاء بالوضع
i- طرح المشكلة : تعد اللغة بمثابة الوعاء الذي يصب فيه الفرد أفكاره ، ليبرزها من حيز الكتمان إلى حيز التصريح . لكن البعض أعتقد أن اللغة تشكل
عائقا للفكر ، على اعتبار أنها عاجزة عن إحتوائه والتعبير عنه ، مما يفترض تبني الأطروحة القائلة أن اللغة منفصلة عن الفكر وتعيقه ، ولكن كيف يمكن
الدفاع عن هذه الأطروحة ؟
ii- محاولة حل المشكلة : 1- أ - عرض الأطروحة كفكرة :يرى أنصار الاتجاه الثنائي ، أن هناك انفصال بين الفكر واللغة ، و أنه لا يوجد تناسب بين عالم الأفكار وعالم الألفاظ ،
حيث إن ما يملكه الفرد من أفكار و معان يفوق بكثير ما يملكه من ألفاظ وكلمات ، مما يعني أن اللغة لا تستطيع أن تستوعب الفكر أو تحتويه ، ومن ثمّ
فهي عاجزة عن التبليغ أو التعبير عن هذا الفكر . 1- ب - مسلمات الأطروحة : الفكر أسبق من اللغة و أوسع منها ، بحيث إن الإنسان يفكر بعقله قبل أن يعبر بلسانه . 1- ج – الحجة :كثيرا ما يشعر الإنسان بسيل من الخواطر والأفكار تتزاحم في ذهنه ، لكنه يعجز عن التعبير عنها ، لأنه لا يجد إلا ألفاظا محدودة لا
تكفي لبيانها ، وعلى هذا الأساس كانت اللغة عاجزة عن إبراز المعاني المتولدة عن الفكر ابرزا تاما وكاملا ، يقول أبو حيان التوحيدي : "ليس في قوة
اللغة أن تملك المعاني" ويقول برغسون : "إننا نملك أفكارا أكثر مما نملك اصواتا " . - اللغة وُضعت أصلا للتعبير عما تواضع أو اصطلح عليه المجتمع بهدف تحقيق التواصل وتبادل المنافع ، وبالتالي فهي لا تعبر إلا على ما تعارف عليه
الناس )أي الناحية الاجتماعية للفكر( ، ويبقى داخل كل فرد جوانب عميقة خاصة وذاتية من عواطف ومشاعر لا يستطيع التعبير عنها ، لذلك كانت اللغة
عاجزة عن نقل ما نشعر به للآخرين ، يقول فاليري : أجمل الأفكار ، تلك التي لا نستطيع التعبير عنها . - ابتكار الإنسان لوسائل التعبير بديلة عن اللغة كالرسم و الموسيقى ما يثبت عجز اللغة عن استيعاب الفكر و التعبير عنه . 2- تدعيم الأطروحة بحجج شخصية : تثبت التجربة الذاتية التي يعيشها كل إنسان ، أننا كثيرا ما نعجز عن التعبير عن كل مشاعرنا وخواطرنا وأفكارنا ،
فنتوقف أثناء الحديث أو الكتابة بحثا عن كلمة مناسبة لفكرة معينة ، أو نكرر القول : "يعجز اللسان عن التعبير" ، أو نلجأ إلى الدموع للتعبير عن انفعالاتنا
)كحالات الفرح الشديد( ، ولو ذهبنا إلى بلد أجنبي لا نتقن لغته ، فإن ذلك يعيق تبليغ أفكارنا ، مما يثبت عدم وجود تناسب بين الفهم والتبليغ . 3- أ – عرض منطق خصوم الأطروحة : يرى أنصار الاتجاه الأحادي ، أن هناك اتصال ووحدة بين الفكر واللغة ، وهما بمثابة وجهي العملة النقدية غير
القابلة للتجزئة ، فاللغة والفكر شيئا واحدا ، بحيث لا توجد أفكار بدون ألفاظ تعبر عنها ، كما انه لا وجود لألفاظ لا تحمل أي فكرة أو معنى . وعليه كانت
اللغة فكر ناطق والفكر لغة صامتة ، على الاعتبار أن الإنسان بشكل عام يفكر بلغته ويتكلم بفكره . كما أثبت علم النفس أن الطفل يولد صفحة بيضاء
خالية من أي أفكار و يبدأ في اكتسابها بموازاة مع تعلمه اللغة . وأخيرا ، فإن العجز التي توصف به اللغة قد لا يعود إلى اللغة في حد ذاتها ، بل إلى
مستعملها الذي قد يكون فاقدا لثروة لغوية تمكنه من التعبير عن أفكاره . 3- ب – نقد منطقهم : لكن ورغم ذلك ، فإن الإنسان يشعر بعدم مسايرة اللغة للفكر ، فالأدباء مثلا رغم امتلاكهم لثروة لغوية يعانون من مشكلة في التبليغ
، وعلى مستوى الواقع يشعر أغلب الناس بعدم التناسب بين الفكر واللغة . Iii- حل المشكلة : وهكذا يتضح أن هناك شبه انفصال بين اللغة والفكر ، باعتبار أن الفكر اسبق وأوسع من اللغة ، وان اللغة تقوم بدور سلبي بالنسبة له ،
فهي تعيقه وتفقده حيويته ، مما يعني أن الأطروحة القائلة : " أن اللغة منفصلة عن الفكر وتعيقه " أطروحة صحيحة . إذا فكرنا بدون لغة ، فنحن « : المقالة الرابعة : يقول هيبوليت دافع عن الأطروحة التي يتضمنها القول . الاستقصاء بالوضع » لا نفكر
i - طرح المشكل : إذا كانت اللغة أداة للفكر ، بحيث يستحيل أن يتم التفكير بدون لغة ؛ فكيف يمكن إثبات صحة هذه الفكرة ؟
ii - محاولة حل المشكل : 1- أ- عرض الموقف كفكرة : إن الفكر لا يمكن أن يكون له وجود دون لغة تعبر عنه ، إذ لا وجود لأفكار لا يمكن للغة أن تعبر عنا ، حيث أن هناك –
حسب أنصار الاتجاه الأحادي - تناسب بين الفكر واللغة ، ومعنى ذلك أن عالم الأفكار يتناسب مع عالم الألفاظ ، أي أن معاني الأفكار تتطابق مع دلالة
الألفاظ ، فالفكر واللغة وجهان لعملة واحدة غير قابلة للتجزئة ف « الفكر لغة صامتة ، واللغة فكر ناطق » . 1- ب- المسلمات و البرهنة : ما يثبت ذلك ، ما أكده علم نفس الطفل من أن الطفل يولد صفحة بيضاء خاليا تماما من أية أفكار ، ويبدأ في اكتسابها
بالموازاة مع تعلمه اللغة ، وعندما يصل إلى مرحلة النضج العقلي فإنه يفكر باللغة التي يتقنها ، فالأفكار لا ترد إلى الذهن مجردة ، بل مغلفة باللغة التي
مهما كانت الأفكار التي تجيئي إلى فكر الإنسان ، فإنها لا تستطيع أن « نعرفها ف تنشأ وتوجد إلا على مادة اللغة ». ومن جهة ثانية ، فإن الأفكار تبقى عديمة المعنى إذا بقيت في ذهن صاحبها ولم تتجسد في الواقع ، ولا سبيل إلى ذلك إلا بألفاظ اللغة التي تدرك إدراكا
حسيا ، أي إن اللغة هي التي تخرج الفكر إلى الوجود الفعلي ، الكلمة لباس المعنى ، ولولاها لبقي « : ولولاها لبقي كامنا عدما ، ولذلك قيل مجهولا » . وعلى هذا الأساس ، فإن العلاقة بين الفكر واللغة بمثابة العلاقة بين الألفاظ « : الروح والجسد ، الأمر الذي جعل الفيلسوف الانجليزي )هاملتون( يقول
حصون المعاني » . 2- تدعيم الأطروحة بحجج : أن اللغة تقدم للفكر القوالب التي تصاغ فيها المعاني . - اللغة وسيلة لإبراز الفكر من حيز الكتمان إلى حيز التصريح . - اللغة عماد التفكير وكشف الحقائق . - اللغة تقدم للفكر تعار يف جاهزة ، وتزود المفكر بصيغ وتعابير معروفة
- اللغة أداة لوصف الأشياء حتى لا تتداخل مع غيرها . 3- أ- عرض منطق الخصوم :يزعم معظم الفلاسفة الحدسانيون والرمزيون من الأدباء والفنانين وكذا الصوفية ، انه لا يوجد تناسب بين عالم الأفكار
وعالم الألفاظ ، فالفكر أوسع من اللغة واسبق منها ، ويلزم عن ذلك أن ما يملكه الفرد من أفكار ومعان يفوق بكثير ما يملكه من ألفاظ وكلمات ، مما يعني
انه يمكن أن توجد أفكار خارج إطار اللغة . ويؤكد ذلك ، أن الإنسان كثيرا ما يدرك في ذهنه كما زاخرا من المعاني تتزاحم في ذهنه ، وفي المقابل لا يجد إلا ألفاظا محدودة لا تكفي لبيان هذه
المعاني . كما قد يفهم أمرا من الأمور ويكون عنه فكرة واضحة بذهنه وهو لم يتكلم بعد ، فإذا شرع في التعبير عما حصل في ذهنه من أفكار عجز عن
ذلك . كما أن الفكر فيض متصل من المعاني في تدفق مستمر لا تسعه الألفاظ ، وهو نابض بالحياة والروح ، وهو "ديمومة" لا تعرف الانقسام أو التجزئة
، أما ألفاظ اللغة فهي سلسلة من الأصوات منفصلة ، مجزأة ومتقطعة ، ولا يمكن للمنفصل أن يعبر عن المتصل ، والنتيجة أن اللغة تجمد الفكر في قوالب
الألفاظ قبور « : جامدة فاقدة للحيوية ، لذلك قيل المعاني » . 3- ب نقد منطقهم : إن أسبقية الفكر على اللغة مجرد أسبقية منطقية لا زمنية ؛ فالإنسان يشعر أنه يفكر ويتكلم في آنٍ واحد . والواقع يبين أن التفكير
يستحيل أن يتم بدون لغة ؛ فكيف يمكن أن تمثل في الذهن تصورات لا اسم لها ؟ وكيف تتمايز الأفكار فيما بينها لولا اندراجها في قوالب لغوية ؟
iii - حل المشكل : وهذا يعني انه لا يمكن للفكر أن يتواجد دون لغة ، وان الرغبة في التفكير بدون لغة – كما يقول هيجل – هي محاولة عديمة المعنى ،
فاللغة هي التي تعطي للفكر وجوده الأسمى والأصح ، مما يؤدي بنا إلى القول إن الأطروحة السابقة أطروحة صحيحة . مقالة الخامسة : هل قدرة الإنسان على التفكير تتناسب مع قدرته على التعبير؟ جدلية
طرح الإشكالية : يعتبر التفكير ميزة أساسية ينفرد بها الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى ومن منطلق أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فإنه يحتاج ولا
شك إلى وسيلة إلى الاتصال والتواصل مع غيرك من الناس وللتعبير عن أفكاره وهذا ما يعرف في الفلسفة بالغة فإذا كنا أمام موقفين متعارضين أحد هما
يرى أن العلاقة اللغة بالفكر انفصال والأخر يرى أنها علاقة اتصال فالمشكلة المطروحة هل العلاقة بين اللغة والفكر علاقة اتصال أم انفصال ؟
التحليل : عرض الأطروحة الأولى : ترى هذه الأطروحة )الاتجاه الثنائي ) أن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة انفصال أي أنه لا يوجد توازن بين لا يملكه الإنسان
من أفكار وتصورات وما يملكه من ألفاظ وكلمات فالفكر أوسع من اللغة أنصار هذه الأطروحة أبو حيان التوحيدي الذي قال : ))ليس في قوة اللغة أن
تملك المعاني )) ، ويبررون موقفهم بحجة واقعية إن الإنسان في الكثير من المرات تجول بخاطره أفكار لاكته يعجز عن التعبير عنها ومن الأمثلة
التوضيحية أن الأم عندما تسمع بخبر نجاح ابنها تلجأ إلى الدموع للتعبير عن حالتها الفكرية والشعورية وهذا يدل على اللغة وعدم مواكبتها للفكر ومن
أنصار هذه الأطروحة الفرنسي برغسون الذي قال : )) الفكر ذاتي وفردي واللغة موضوعية واجتماعية (( ، وبهذه المقارنة أن اللغة لا يستطيع التعبير
عن الفكر وهذا يثبت الانفصال بينهما . النقد : هذه الأطروحة تصف اللغة بالعجز وبأنها تعرقل الفكر لكن اللغة ساهمت على العصور في الحفاظ على الإبداع الإنساني ونقله إلى الأجيال المختلفة
. عرض الأطروحة الثانية : ترى هذه الأطروحة ( الاتجاه الو احدي( إن هناك علاقة اتصال بين اللغة والفكر مما يثبت وجود تناسب وتلازم بين ما تملكه
من أفكار وما تملكه من ألفاظ وعبارات في عصرنا هذا حيث أثبتت التجارب التي قام بها هؤلاء أن هناك علاقة قوية بين النمو الفكري والنمو اللغوي
وكل خلل يصيب أحداهما ينعكس سلبا على الأخر ومن أنصار هذه الأطروحة هاملتون الذي قال (( الألفاظ حصون المعاني(( وقصد بذلك إن المعاني
سريعة الظهور وسريعة الزوال وهي تشبه في ذلك شرارات النار ولا يمكن الإمساك بالمعاني إلا بواسطة اللغة )) . النقد : هذه الأطروحة ربطت بين اللغة والفكر لكن من الناحية الواقعية يشعر أكثر الناس بعدم المساواة بين قدرتهم على التفكير وقدرتهم على التعبير . التركيب : تعتبر مشكلة اللغة والفكر أحد المشكلات الفلسفية الكلاسيكية واليوم يحاول علماء اللسانيات الفصل في هذه المشكلة بحيث أكدت هذه الدراسات
أن هناك ارتباط وثيق بين اللغة والفكر والدليل عصر الانحطاط في الأدب العربي مثلا شهد تخلفا في الفكر واللغة عكس عصر النهضة والإبداع ومن
المقولات الفلسفية التي تترجم وتخلص هذه العلاقة قول دولا كروا (( نحن لا نفكر بصورة حسنة أو سيئة إلا لأن لغتنا مصنوعة صناعة حسنة أو سيئة )) حل الإشكالية : وخلاصة القول أن اللغة ظاهرة إنسانية إنها الحل الذي يفصل بين الإنسان والحيوان ولا يمكن أن نتحدث عن اللغة إلا إذا تحدثنا عن الفكر
وكمحاولة للخروج من الإشكالية إشكالية العلاقة بين اللغة والفكر نقول أن الحجج والبراهين الاتجاه الو احدي كانت قوية ومقنعة ومنه نستنتج العلاقة بين
العلاقة بين اللغة والفكر علاقة تفاعل وتكامل . المقالة السادسة : هل اللغة منفصلة عن الفكر؟ جدلية
طرح المشكلة : للغة معنيان عام وخاص ، يتحدد المعنى الأخير حسب لالاند في كونها التعبير الكلامي عن الفكر داخليا وخارجيا أي أثناء عمليتي التفكير
الداخلي والتواصل الخارجي. ولكن ماذا نستنتج من كلمة "التعبير"؟ هل يعني ذلك أن اللغة تعبر بعديا عن فكر سابق ومستقل؟ أم أن الفكر لا يوجد قبل أو
خارج سيرورة التعبير اللغوي؟ بعبارة أخرى: هل تجمع الفكر واللغة علاقة أسبقية وانفصال أم علاقة تزامن واتصال؟
الأطروحة والبرهنة عليها : يرى أنصار الاتجاه الثنائي أن الفكر سابق عل اللغة وأوسع منها أي العلاقة بينهما هي علاقة انفصال . وقد استشهدوا على
ذلك بالتجربة أو الملاحظة الداخلية أو ما يسمى بالاستبطان والتي تؤكد وجود فكر غير منطوق به أي فكرا خالصا منفصلا عن التعبير اللغوي ، وتتخذ
هذه الأسبقية شكلين: أسبقية زمنية تتمثل في أن لحظة إنتاج الأفكار سابقة في الزمن على لحظة التعبير عنها وكأننا نفكر أولا ثم ننتقل بعد ذلك إلى إلباس
الكلمات لفكرنا . قال برغسون : وهو أحد أنصار الاتجاه الثنائي-" ليست الموضوعات الخارجية وحدها هي التي تختفي عنا، بل إن حالاتنا النفسية هي الأخرى لتفلت من
طائلتنا بما فيها من طابع ذاتي شخصي حي أصيل ". وقال أيضا :" وحينما نشعر بمحبة أو كراهية أو حينما نحس في أعماق نفوسنا بأننا فرحون أو مكتئبون ، فهل تكون عاطفتنا ذاتها هي التي تصل إلى
شعورنا؟ ". نفهم من هذا ، أن اللغة عاجزة عن نقل حقيقة العالم الخارجي ، لأن اللغة تعبر عن المعاني العامة . ولأن اللغة مرتبطة من جهة أخرى بالحاجة. كذلك أن
اللغة عاجزة عن التعبير عن حالاتنا النفسية ، لأن الأصل الاجتماعي للغة وطابعها الأداتي يوجهها للتعبير عن عما هو عام مشترك موضوعي لا ماهو
خاص وفردي وحميمي ، فرغم أن كل واحد منا يحب ويكره .. إلا أننا نختلف في الحب والكراهية . إذن فاللغة محدودة . وفي الاتجاه نفسه يشتكي
المتصوفة عجز اللغة عن التعبير عما يعيشونه من حقائق فيبدو لنا ما يقولونه مجرد شطحات تعارض النصوص الشرعية . فهذا الحلاج كان يقول "ليس
في الجبة إلاّ الله". و هذا البسطامي يقول : "سبحاني ما أعظم شأني" و ربما هذا ما قصده فاليري في قوله : " إن أجمل الأفكار هي تلك التي لا نستطيع
التعبير عنها " . وفي هذا الإطار عينه تندرج الثنائية الديكارتية التي تنسب للفكر طبيعة روحية وللغة طبيعة مادية لتخلص إلى استحالة ارتباطهما أو تداخلهما، رغم أن
ديكارت يقر بان الكلام علامة على الفكر ودليل على الوعي والعقل المنفرد بهما الإنسان . ونخلص من كل ما سبق إلى أنه لا يوجد تناسب بين القدرة على الفهم والتمثل والقدرة على التعبير. وهذا ما يؤكد أسبقية الفكر على اللغة وانفصاله عنها
،حسب أنصار هذا الاتجاه .
المناقشة: . ولكن هل يمكن حقا للفكر أن يوجد بمعزل عن اللغة ؟ ألا نجانب الصواب عندما ننتهي مع أنصار الاتجاه الثنائي إلى أن اللغة لا تعدو أن تكون
سوى أداة بعدية ثانوية تعبر عن فكر خالص مستقل؟ ثم إنه حتى و إن سلمنا بعدم وجود تناسب بين الفكر واللغة فإننا نرفض القول بوجود فكر مستقل عن
اللغة.إن الطفل لا يقوى على التفكير بدون لغة . نقيض الأطروحة والبرهنة : أنصار الاتجاه الو احدي : يذهب أنصار الاتجاه الو احدي إلى أنه لا وجود لفكر دون لغة. فهما مترابطان ومتلازمان أي أن
العلاقة بينهما علاقة اتصال . - وقد استشهدوا على ذلك بأن اللغة شرط تحقق الفكر وإنتاج المعنى وانفتاح الوعي: فإذا كان الفكر ليس جوهرا ميتافيزيقيا ، بل نشاطا كليا يتمظهر في
عمليات جزئية كالتذكر والمقارنة والترتيب...فإن تحققها غير ممكن بدون أداة رمزية لغوية . - إن المعنى يؤخذ من الكلام والكلام هو الوجود الخارجي للمعنى حسب ميرلوبونتي الذي يضيف بأن وعي الذات المفكرة بأفكارها متوقف على تعبيرها
عنها ولو لذاتها . بل إن هناك من يذهب أبعد من ذلك فيرجع خاصية الوعي لدى الإنسان إلى قدرته على ترميز الأشياء والدلالة عليها. و إذا استعرنا تعبير ارنست كاسيرر
سنقول بأن الإنسان كائن واع لأنه أولا حيوان رامز أي قادر على الإحالة على الأشياء من خلال رموزها . وقد عبر عن ذلك بنفنيست بقوله: " الإنسان
يسمي إحساساته ولا يكتفي بالتعبير عنها ". بأي شيء يتميز الموجود في الذهن إن لم يكن بالعلاقات والرموز؟ وهذه فكرة تلتقي مع تصور عالم اللسانيات "دوسوسير" الذي لا يرى في الفكر قبل لغة
سوى سديم أو عماء ضبابي لاشيء متميز فيه قبل ظهور اللسان ، من ذلك مثلا أنه يستحيل التمييز بين فكرتين متقاربتين كالتقديس والاحترام دون
الاستعانة بمقابليهما من الرموز اللسانية . كما أن حصول الدلالة اللسانية لا يتم بالمدلول وحده أي الفكرة أو التصور الذهني، بل باقتران هذا الأخير بالدال
أو الصورة السمعية، وعليه فالدلالة لا تدرك إن لم يكن ثمة دال. بأي شيء يتميز الموجود في الذهن إن لم يكن بالعلاقات والرموز؟ وهذه فكرة تلتقي مع
تصور عالم اللسانيات "دوسوسير" الذي لا يرى في الفكر قبل اللغة سوى سديم أو عماء ضبابي لاشيء متميز فيه قبل ظهور اللسان، من ذلك مثلا أنه
يستحيل التمييز بين فكرتين متقاربتين كالتقديس والاحترام دون الاستعانة بمقابليهما من الرموز اللسانية. كما أن حصول الدلالة اللسانية لا يتم بالمدلول
وحده أي الفكرة أو التصور الذهني ، بل باقتران هذا الأخير بالدال أو الصورة السمعية، وعليه فالدلالة لا تدرك إن لم يكن ثمة دال. " الألفاظ حصون
المعاني". وذهب دوسوسير نفسه إلى حد تشبيه العلاقة بين اللغة والفكر بالورقة ظهرها الفكر ووجهها اللغة ولا يمكن تمزيق الوجه دون التأثير على ظهر
الورقة. وقد عبر هيجل عن هذه العلاقة بقوله : "إننا نفكر داخل كلمات ". المناقشة : إن أصحاب الاتجاه الو احدي ككل يدعوننا إلى المطابقة بين اللغة والفكر ، فإلى أي حد تصح هذه المطابقة ؟ ثم كيف نطابق بينهما ولكل منا
تجربة شخصية تعلمه أن الفكرة أحيانا تحضر أولا ونتأخر أو نفشل في إيجاد التعبير الملائم عنها ؟ إننا وإن سلمنا مع أنصار هذا الاتجاه بالصلة الوثيقة
بين اللغة والفكر فإننا نرفض المطابقة بينهما . التركيب : إننا نرفض القول بوجود فكر مستقل عن اللغة أي لا يمكن فصل الفكر عن اللغة ، كما نرفض المطابقة بينهما أي لا يمكن اعتبارهما شيئا واحدا
. ولذلك فالعلاقة بين اللغة والفكر هي علاقة تبادلية أي علاقة تأثير وتأثر ، فاللغة تؤثر في الفكر وتتأثر به ، فاللغة تزود الفكر بأطر التفكير من خلال
المفاهيم والعلاقات والفكر يساعد اللغة على التجديد . حل المشكلة : رغم أنه لا يوجد تناسب بين القدرة على الفهم والتمثل و القدرة على التعبير إلا أنه لا يمكن القول باستقلال الفكر عن اللغة هذا من جهة
ومن جهة أخرى فإن اللغة هي أفضل أداة للتعبير عن الأشياء و عن حالاتنا النفسية .
الذاكرة :
هل أساس الاحتفاظ بالذكريات بيولوجي أم اجتماعي؟ جدلية
طرح المشكلة : يمتاز الإنسان بقدرته على استخدام ماضيه و الاستفادة منه للتكيف مع ما يواجهه من ظروف فهو لا يدرك الجديد إلاّ تحت نور الماضي
أو الذكريات ،وهذه الذكريات هي التي تقدم له مواده الأولية لتنشيط مختلف ملكاته العقلية ولكن هذه الذكريات كيف يمكن لها أن تبقى في متناولنا ؟ أين
وعلى أي شكل تكون ذكرياتنا في الحالة التي لا نضطر إلى استحضارها ؟ وكيف تستمد حياتها عند الحاجة ؟ أو بعبارة أصح هل أساس ذكرياتنا بيولوجي
أم اجتماعي ؟ . محاولة حل المشكلة : يرى أنصار النظرية المادية وبوحي من الفكرة الديكارتية القاتلة بأن الذاكرة تكمن في ثنايا الجسم ، أي الانطباعات التي تحدثها الأشياء الخارجية في
الدماغ وتبقي بقاءها على لوحة التصوير، أي أن الذكريات تترك لها آثاراً في المخ كما تترك الذبذبات الصوتية على اسطوانة الإلكتروفون وبمعنى أصح
أن المخ كالوعاء على حد تعبير تين يستقبل ويخزن مختلف أنواع الذكريات ولكل ذكرى ما يقابلها من خلايا عصبية حتى ذهب بعضهم إلى التساؤل ما إذا
كانت الخلايا الموجودة في الدماغ كافية من حيث العدد لتسجيل كافة الانطباعات ويعتبر رائد هذه النظرية ريبو الذي يرى في كتابه أمراض الذاكرة
الذاكرة ظاهر بيولوجية الماهية سيكولوجية العرض(، وحسبه أن الذكريات تحفظ في خلايا القشرة الدماغية وتسترجع عندما تحدث إدراكات مماثلة لها ،
وأن عملية التثبيت تتم عن طريق التكرار ، والذكريات الراسخة فيما يرى ريبو هي تلك التي استفادت من تكرار طويل ولهذا فلا عجب إذا بدأ تلاشيها من
الذكريات الحديثة إلى الذكريات القديمة ، بل ومن الحركية إلى العقلية بحيث أننا ننسى الألقاب ثم الأوصاف فالأفعال فالحركات ، ولقد استند ريبو إلى
المشاهدات الباثولوجية المرضية مثل الأمنيزيا وبعض حالات الأفازيا الحركية ، وحسبه أن زوال الذكريات يكون عندما تحدث إصابات على مستوى
الخلايا التي تحملها مثل الحبسة ، وبهذا تصبح الذاكرة مجرد خاصية لدى الأنسجة العصبية ، ويستدل ريبو أيضا بقوله أنه عندما تحدث إصابة لأحد
الأشخاص الذين فقدوا ذاكرتهم فإنه كثيراً ما تعود إليه الذاكرة بنفس الصدمة وهذا من أكبر الأدلة على حسية الذاكرة وماديتها ، وقد جاءت تجارب بروكا
تثبت ذلك بحيث أنه إذا حدث نزيف دموي في قاعدة التلفيف الثالث يولد مرض الحبسة ، كما أن فساد التلفيف الثاني يولد العمى اللفظي وأن فساد التلفيف
الأول يولد الصمم اللفظي ، ويعطي الدكتور دولي براول مثال عن بنت في 32 من عمرها أصابتها رصاصة في المنطقة الجدارية اليمنى ومن جراء هذا
أصبحت لا تتعرف على الأشياء التي توضع في يدها اليسرى رغم أنها بقيت تحتفظ بالقدرة على مختلف الإحساسات النفسية والحرارية فإذا أي شيء في
يدها اليسرى وصفت جميع خصائصه وعجزت عن التعرف عليه ، وبمجرد أن يوضع في يدها اليمنى تعرفت عليه بسرعة وهكذا تبدو الذكريات كما لو
كانت في منطقة معينة من الدماغ ويضيف ريبو دليلاً آخر هو أنه لو أصيب أحد الأشخاص الذين فقدوا ذاكرتهم على مستوى الدماغ إصابة قوية ربما
استعاد ذاكرته وهذا من أقوى الأدلة على حسية الذاكرة وماديتها . لكن على الرغم من كل هذه الأدلة والحجج إلاّ أن هذه النظرية لم تصمد للنقد لأن التفسير المادي الذي ظهر في القرن 91 م لا يمكنه أن يصمد أمام
التجربة ولا أمام النظر الدقيق ففي هذا الصدد نجد الفيلسوف الفرنسي برغسون الذي يرى بأن هذه النظرية تخلط بين الظواهر النفسية و الظواهر
الفيزيولوجية فهي تعتبر الفكر مجرد وظيفة للدماغ ، كذا أن المادة عاجزة عن تفسير الذاكرة يقول لو صح أن تكون الذكرى شيء ما ستحفظ في الدماغ ،
لما أمكنني أن أحتفظ بشيء من الأشياء بذكرى واحدة بل بألوف الذكريات( ، أما بالنسبة لمرض الأفازيا فإن الذكرى لا تزال موجودة إلاّ أن المريض
يصير غير قادر على استرجاعها حتى يحتاج إليها ويذكر الطبيب جون دولاي أن أحد المصابين بالأمنيزيا الحركية فقد تماما إرادة القيام بإشارة الصليب
إلاّ انه توصل تلقائيا إلى القيام بالإشارة عند دخوله الكنيسة . وعلى عكس الرأي الأول يرى أنصار النظرية الاجتماعية أن الغير هو الذي يدفعنا إلى تذكر الحوادث أي التي اشترك معنا فيها في الأسرة أو الشارع أو
المدرسة وفي هذا يقول هالفاكس إنني في أغلب الأحيان عندما أتذكر فإن ذاكرتي تعتمد على ذاكرة الغير ) ، ولقد كان على رأس هذه النظرية بيارجاني
،هالفاكس فهم يرون أن الذاكرة تجد في الحياة الاجتماعية المجال الخصب الذي تستمد منه وجودها وحين نحاول معرفة صلتها العضوية بالجسم إنما كنا
نبحث عن معرفة الآلية التي تترجم الذكريات الماضية و السلوك الراهن والواقع أن هذا السلوك هو الذي يربط بين الفرد والآخرين غير أن الذاكرة
بمعناها الاجتماعي تأخذ بعدا أكبر من هالفاكس فهو يرى أن الذاكرة ترجع إلى المجتمع فالفرد مهما اتسم شعوره بالفردية المتميزة إلى أبعد الحدود فإن
جميع أنواع السلوك التي هي مواد ذكرياته تبقى وتظل اجتماعية واللحظات الوحيدة المستثناة هي أثناء النوم أي الأحلام حيث ينعزل الفرد بكليته عن
الآخرين إلا أن الأحلام تبقى ذات طبيعة مختلفة عن الذكريات يقول هالفاكس إن الحلم لا يعتمد سوى على ذاته في حين أن الذكريات تستمد وجودها من
ذكريات الآخرين ومن القاعدة العامة للذاكرة الاجتماعية(، ويكون التفاهم بواسطة اللغة في الوقت ذاته فهي الإطار الأول والأكثر ثباتا للذاكرة الاجتماعية
، وهكذا فالعقل ينشئ الذكريات تحت تأثير الضغط الاجتماعي إذاً فلا وجود لذاكر فردية فالذاكرة هي ذاكرة جماعية ، هي ذاكرة الزمرة والأسرة
والجماعة الدينية والطبقة الاجتماعية والأمة التي تنتمي إليها وفي جميع الأحوال فإن ذكرياتنا ترتبط بذكريات الجماعة التي ننتمي إليها ، فالإنسان ضمن
الجماعة لا يعيش ماضيه الخاص بل يعيش ماضيه الجماعي المشترك فالاحتفالات الدينية والوطنية هي إعادة بنا الماضي الجماعي المشترك . غير أن هذا الرأي هو الآخر لم يصمد للنقد مع أنه اعتمد على الواقع ، فصحيح أن الذاكرة تنظم داخل أطر اجتماعية ولكن ليس العامل الاجتماعي عاملاً
أساسيا وكافيا لوحده لأنه بإمكان الفرد أن يتذكر شيئا ذا قيمة بالنسبة له وحده بالإضافة إلى أنه إذا كان تذكر الفرد يكون دائما من خلال ماضيه المشترك
مع الجماعة فيكون ذلك معناه أن شعور الفرد جزء من شعور الجماعة وهذا أمر مستحيل . أن العيب الذي تؤاخذ عليه النظريتين أنهما عالجتا موضوع الذاكرة المعقد كل على حدا وذلك لاختلاف منهجهم في حين أن الذاكرة عملية تتظافر فيها
جميع العوامل الخارجية المتمثلة في الجماعة بالإضافة إلى كل هذا فإنه لا يمكن أن نقف موقف اختيار بين النظريتين ولا يمكننا أيضا قبولهما على أنها
صادقة فإذا كانت النظرية المادية قد قامت على بعض التجارب فقد تبين مدى الصعوبة التي تواجه التجربة أما الاجتماعية فإنها تبقى نسبية نظر اً للإرادة
التي يتمتع بها الفرد دون أن ننسى الجانب النفسي للفرد . حل المشكلة : وخلاصة القول أنه من غير الممكن إرجاع الذاكرة إلى عامل واحد لأنها عملية عقلية تتظافر فيها جملة من العوامل الذهنية والعضوية
الاجتماعية وبهذا فإن أساس الذكريات نتاج اجتماعي وبيولوجي مع اً . المقالة العاشرة : هل الذاكرة ظاهرة اجتماعية أم بيولوجية ؟ : جدلية
I - طرح المشكل :اختلفت الأطروحات والتفسيرات فيما يتعلق بطبيعة الذاكرة وحفظ الذكريات . فاعتقد البعض أن الذاكرة ذات طبيعة اجتماعية ، وان
الذكريات مجرد خبرات مشتركة بين أفراد الجماعة الواحدة . واعتقد آخرون أن الذاكرة مجرد وظيفة مادية من وظائف الدماغ ؛ الأمر الذي يدعونا إلى
طرح المشكلة التالية : هل الذاكرة ذات طابع اجتماعي أم مادي بيولوجي ؟
II- محاولة حل المشكل
1- أ - عرض الأطروحة : أنصار النظرية الاجتماعية : أساس الذاكرة هو المجتمع ؛ أي إنها ظاهرة اجتماعية بالدرجة الأولى . 1- ب- الحجة :لأن – أصل كل ذكرى الإدراك الحسي ، والإنسان حتى ولو كان منعزلا فانه عندما يدرك أمرا ويثبته في ذهنه فإنه يعطيه إسما ليميزه عن
المدركات السابقة ، وهو في ذلك يعتمد على اللغة ، واللغة ذات طابع اجتماعي ، لذلك فالذكريات تحفظ بواسطة إشارات ورموز اللغة ، التي تُكتسب من
المجتمع . - إن الفرد لا يعود إلى الذاكرة ليسترجع ما فيها من صور ، إلا إذا دفعه الغير إلى ذلك أو وجه إليه سؤالا ، فأنت مثلا لا تتذكر مرحلة الابتدائي أو
المتوسط إلا إذا رأيت زميلا لك شاركك تلك المرحلة ، أو إذا وجه إليك سؤالا حولها ، لذلك فإن معظم خبراتنا من طبيعة اجتماعية ، وهي تتعلق بالغير ،
ونسبة ما هو فردي فيها ضئيل ، يقول هالفاكس : " إنني في أغلب الأحيان حينما أتذكر فإن الغير هو الذي يدفعني إلى التذكر ... لأن ذاكرتي تساعد
ذاكرته ، كما أن ذاكرته تساعد ذاكرتي " . ويقول : " ليس هناك ما يدعو للبحث عن موضوع الذكريات وأين تحفظ إذ أنني أتذكرها من الخارج ... فالزمرة الاجتماعية التي انتسب إليها هي التي
تقدم إلي جميع الوسائل لإعادة بنائها " - والإنسان لكي يتعرف على ذكرياته ويحدد إطارها الزماني والمكاني ، فإنه في الغالب يلجأ إلى أحداث اجتماعية ، فيقول مثلا ) حدث ذلك أثناء .... أو
قبل .... و في المكان ..... وعليه فالذكريات بدون أطر اجتماعية تبقى صور غير محددة وكأنها تخيلات ، يقول : ب . جاني : " لو كان الإنسان وحيدا
لما كانت له ذاكرة ولما كان بحاجة إليها " . 1- ج- النقد : لو كانت الذاكرة ظاهرة اجتماعية بالأساس ، فيلزم عن ذلك أن تكون ذكريات جميع الأفراد المتواجدين داخل المجتمع الواحد متماثلة ، وهذا
غير واقع . ثم أن الفرد حينما يتذكر ، لا يتذكر دائما ماضيه المشترك مع الغير ، فقد يتذكر حوادث شخصية لا علاقة للغير بها ولم يطلب منه احد تذكرها
) كما هو الحال في حالات العزلة عندما نتذكر بدافع مؤثر شخصي ( ، مما يعني وجود ذكريات فردية خالصة .
2- أ- عرض نقيض الأطروحة : النظرية المادية : الذاكرة وظيفة مادية بالدرجة الأولى ، وترتبط بالنشاط العصبي ) الدماغ ) . 2- ب- الحجة :لأن : - الذاكرة ترتبط بالدماغ ، وإصابته في منطقة ما تؤدي إلى تلف الذكريات ) من ذلك الفقدان الكلي أو الجزئي للذكريات في بعض
الحوادث ) . - بعض أمراض الذاكرة لها علاقة بالاضطرابات التي تصيب الجملة العصبية عموما والدماغ على وجه الخصوص ، فالحسبة أو الافازيا ( التي هي من
مظاهر فقدان الذاكرة ( سببها إصابة منطقة بروكا في قاعدة التلفيف الثالث من الجهة الشمالية للدماغ ، أو بسبب نزيف دموي في الفص الجداري الأيمن
من الجهة اليسرى للدماغ ، مثال ذلك الفتاة التي أصيبت برصاصة أدت إلى نزيف في الفص الجداري الأيمن من الجهة اليسرى للدماغ ، فكانت لا تتعرف
على الأشياء الموضوعة في يدها اليسرى بعد تعصيب عينيها ، فهي تحوم حولها وتصفها دون أن تذكرها بالاسم ، وتتعرف عليها مباشرة بعد وضعها في
يدها اليمنى
يقول تين Taine: " إن الدماغ وعاء يستقبل ويختزن مختلف الذكريات " ، ويقول ريبو : " الذاكرة وظيفة بيولوجية بالماهية " 2- ج- النقد : إن ما يفند مزاعم أنصار النظرية المادية هو أن فقدان الذاكرة لا يعود دائما إلى أسباب عضوية )إصابات في الدماغ( فقد يكون لأسباب نفسية
) صدمات نفسية ( ... ثم إن الذاكرة قائمة على عنصر الانتقاء سواء في مرحلة التحصيل والتثبيت أو في مرحلة الاسترجاع ، وهذا الانتقاء لا يمكن
تفسيره إلا بالميل والاهتمام والرغبة والوعي والشعور بالموقف الذي يتطلب التذكر .. وهذه كلها أمور نفسية لا مادية . 3- التركيب ) تجاوز الموقفين ( : ومنه يتبين أن الذاكرة رغم أنها تشترط اطر اجتماعية نسترجع فيها صور الذكريات ونحدد من خلالها إطارها الزماني
والمكاني ، بالإضافة إلى سلامة الجملة العصبية والدماغ على وجه التحديد ، إلا أنها تبقى أحوال نفسية خالصة ، إنها ديمومة نفسية أي روح ، وتتحكم
فيها مجموعة من العوامل النفسية كالرغبات والميول والدوافع والشعور .. الأمثلة : إن قدرة الشاعر على حفظ الشعر اكبر من قدرة الرياضي . ومقدرة الرياضي في حفظ الأرقام والمسائل الرياضية اكبر من مقدرة الفيلسوف ...
وهكذا , والفرد في حالة القلق والتعب يكون اقل قدرة على الحفظ , وهذا بالإضافة إلى السمات الشخصية التي تؤثر إيجابا أو سلبا على القدرة على التعلم
والتذكر كعامل السن ومستوى الذكاء والخبرات السابقة .. III- حل المشكل : وهكذا يتضح أن الذاكرة ذات طبيعة معقدة ، يتداخل ويتشابك فيها ما هو مادي مع ما هو اجتماعي مع ما هو نفسي ، بحث لا يمكن أن
نهمل أو نغلّب فيها عنصرا من هذه العناصر الثلاث . ملاحظة : يمكن في التركيب الجمع بين الموقفين ، و ليس من الضروري تجاوزهما .
ركزووعلى البداع
هل يقود تطور العلوم إلى إنكار قيام حقيقة نهائية؟
الجواب المقترح : يعتبر الفيلسوف إنسانا عاشقا للحقيقة وباحثا عنها بشكل دائم ومستمر. ويبين تاريخ الفلسفة أن هناك عدة نظريات وتصورات حول الحقيقة، تختلف بحسب
المنطلقات العقلية والمشارب المذهبية، ولذلك نجد فريقا من الفلاسفة يقول بوجود حقيقة مطلقة وثابتة، وفريقا آخرا يقول بحقائق نسبية ومتغيرة. وإذا
تموقعنا في مجال تاريخ المعرفة العلمية، فإننا نلحظ أن التطورات الهائلة والقفزات النوعية التي عرفها العلم ابتداء من العصر الحديث بينت صعوبة
التمسك بحقيقة واحدة ونهائية، وكشفت عن التعديلات والمراجعات التي طالت مختلف المفاهيم والتصورات التقليدية حول الحقيقة. هنا يمكننا التساؤل هل
الحقيقة مطلقة أم نسبية؟ وهل التطورات التي عرفها العلم تؤدي إلى التخلي نهائيا عن أية حقائق مطلقة؟
إذا تأملنا بدقة في السؤال المطروح سنجد أنه يقيم علاقة وثيقة بين تطور العلوم من جهة، وإنكار قيام حقيقة نهائية من جهة أخرى، وهو يدعونا إلى إثبات
هذه القضية أو نفيها. لكن الحديث عن مفهوم الحقيقة هو حديث يتجاوز تاريخ العلوم، ويطال تاريخ المعرفة البشرية عموما والفلسفية منها على وجه
الخصوص. لذلك نجد أنفسنا نتواجد في مجال المعرفة، سواء الفلسفية أو العلمية، لنعالج إلى أي حد يمكن القول بحقيقة مطلقة ونهائية أو القول بخلاف
ذلك . إذا نظرنا في البدايات الأولى لتاريخ الفلسفة، وجدنا الفيلسوف اليوناني أفلاطون يقول بوجود حقائق يقينية ومطلقة مكانها هو عالم عقلي مفارق سماه بعالم
المثل، وهي حقائق يتوصل إليها عن طريق التأمل العقلي الخالص. هكذا اعتبر أفلاطون أن ما يوجد في العالم المحسوس هو مجرد ظلال وأوهام تمدنا
بها الحواس، في حين يمدنا التأمل الفلسفي بالحقيقة الموضوعية، الثابتة والخالدة . وقد بين باسكال فيما بعد أن للقلب حقائقه التي لا يمكن للعقل أن يستدل عليها، وهي حقائق حدسية تدرك على نحو مباشر، يعتقد صاحبها في ثباتها
وصحتها المطلقة. ولعل الكثير من الحقائق الدينية هي من مثل هذا القبيل . وفي نفس السياق اعتبر أبو الفلسفة الحديثة ديكارت بأن العقل يحتوي على مبادئ وأفكار فطرية، لا يمكن الشك في صحتها نظرا لبداهتها ووضوحها
وتميزها في الذهن. ومن ثمة فهي تدرك بشكل حدسي مباشر، ومنها تستنبط باقي الحقائق الأخرى . وبالرغم من أن كانط قدم فلسفة نقدية حاول منة خلالها تجاوز النزعتين العقلانية والتجريبية معا، إلا أن هو الآخر، وفي مجال المعرفة الأخلاقية على
وجه التحديد، يتحدث عن مبادئ وقوانين أخلاقية ذات طابع صوري، مجرد ومطلق . وفي مقابل هذا التصور المثالي المطلق للحقيقة، نجد تصورات فلسفية أخرى تقول بنسبية الحقيقة وتطورها. ويمكن أن نورد في هذا الإطار موقف جون
لوك، كأحد ممثلي النزعة التجريبية، والذي يرفض وجود أفكار أولية وفطرية كتلك التي ادعاها ديكارت، واعتبر على العكس من ذلك بأن العقل صفحة
بيضاء والتجربة هي التي تمده بالمعارف والحقائق. وإذا كانت تجارب الناس مختلفة، فمعنى ذلك أن الحقائق التي تحملها عقولهم ليست على نفس الشاكلة
والمنوال . أما إذا انتقلنا إلى الفلسفة المعاصرة، فيمكن أن نقدم التصور البرغماتي كتصور يقول بنسبية الحقيقة وتعددها. ومن بين ممثلي النزعة البرغماتية نجد وليام
جيمس الذي يرى أن الحقيقة ليست غاية في ذاتها، وأنها لا تمتلك أية قيمة مطلقة، بل هي مجرد وسيلة لإشباع حاجات حيوية أخرى . هكذا يقدم لنا جيمس
تصورا أداتيا ونسبيا للحقيقة؛ بحيث يقول بارتباطها بالمنافع والوقائع وبمدى قدرتنا على استعمالها في وضعيات مختلفة . وإذا انتقلنا الآن إلى حقل المعرفة العلمية الخالصة، وإلى مجال تاريخ العلوم الدقيقة، فإننا نرى أن ما عرفه العلم من تطور في الأدوات والمناهج المعتمدة،
وما رافق ذلك من ظهور عدة نظريات علمية تتجاوز النظريات السابقة، كان له انعكاس على تصور العلماء و الفلاسفة لمفهوم الحقيقة ومراجعتهم للعديد
من المفاهيم والتصورات الكلاسيكية. هكذا نجد الإبيستملوجي الفرنسي غاستون باشلار يؤكد على الطابع النسبي للحقيقة العلمية، ويعتبرها خطأ تم
تصحيحه. فتاريخ العلوم في نظره هو تاريخ أخطاء؛ ذلك أن الكثير من الحقائق العلمية تم تجاوزها واستبدلت بحقائق ونظريات أخرى جديدة. من هنا
نرى أن الحقائق في مجال العلوم الحقة تختلف من حقل علمي إلى آخر من جهة، وتتطور بتطور الأدوات والمناهج العلمية المستخدمة من جهة أخرى.
وقد أكد باشلار على أهمية الحوار بين العقل والتجربة في بناء الحقيقة العلمية؛ ولذلك رفض المبادئ والحقائق البديهية كتلك التي تحدث عنها ديكارت،
كما رفض اعتبار العقل صفحة بيضاء تتلقى المعرفة جاهزة من الواقع كما ذهبت إلى ذلك النزعة التجريبية الساذجة، وذهب بخلاف ذلك إلى التأكيد على
الطابع البنائي والمتجدد للمعرفة العلمية، خصوصا أن بناءات العقل وبراهينه لا تتم في نظره بمعزل عن الاختبارات والتجارب العلمية. هكذا فحقائق
العقل العلمي المعاصر مشروطة بطبيعة الموضوعات التي يريد معرفتها، فهي ليست حقائق منغلقة ثابتة بل منفتحة على الواقع العلمي الجديد . وإذا كانت النزعة الوضعية التجريبية تؤكد على التجربة كمعيار لصحة النظرية العلمية، وتبين الدور الحاسم الذي تلعبه هذه التجربة في التمييز بين
النظريات العلمية وغير العلمية، فإننا نجد بيير تويليي يجسد موقفا يقر من خلاله بعدم وجود تجربة حاسمة، إذ تظل نتائج التحقق التجريبي جزئية وقابلة
للمراجعة، كما يدعو إلى ضرورة خروج النظرية من عزلتها التجريبية وانفتاحها على نظريات أخرى تختبر نفسها من خلال مقارنة نفسها بها . وفي نفس السياق استبدل كارل بوبر معيار التحقق التجريبي بمعيار القابلية للتكذيب؛ بحيث تكون النظرية علمية إذا كانت قابلة للتكذيب في المستقبل، أي
قادرة على تقديم الاحتمالات الممكنة التي تفند بها ذاتها وتبرز الثغرات الكامنة فيها. وهذا يدل على الطابع النسبي والمنفتح للحقائق العلمية . وعلى العموم، فهناك الكثير من الوقائع التي عرفها العلم المعاصر أدت إلى خلخلة المفاهيم والأسس التي كانت ترتكز عليها التصورات الكلاسيكية
للحقيقة، سواء في مجال العلم أو الفلسفة الكلاسيكيين؛ فظهر تصور جديد لمفهومي المكان والزمان مع الهندسات اللاأقليدية ونسبية إنشتاين، كما تمت
زحزحة مبدأي الهوية وعدم التناقض الأرسطيين باكتشاف الطبيعة المزدوجة للضوء وظهور الفيزياء الذرية، وغيرها من الوقائع التي جعلت، كما أكد
باشلار، العقل الكلاسيكي يعيد النظر في مبادئه والحقائق التي يؤمن بها . هكذا يمكن أن نستنتج في الأخير أنه كان للتطورات التي عرفها العلم المعاصر انعكاسات كبيرة على تصور الفلاسفة لمفهوم الحقيقة والنظرية العلمية؛
فظهرت فلسفات تقول بنسبية الحقيقة وخضوعها للمراجعة والتعديل المستمر، غير أن هذا لا يجب أن يحجب عنا وجود بعض الفلسفات والمذاهب، سواء
في الماضي أو الآن، تتشبث ببعض الحقائق وتعتبرها مطلقة ونهائية، خصوصا إذا تعلق الأمر بمجالات الأخلاق والدين والسياسة، فنحن نعلم أن للحقيقة
مستويات وأوجه عدة، وما العلم سوى أحد هذه الأوجه .
مقالة فلسفية حول الحقيقة
ما هو مقياس الحقيقة ؟
ما هو معيار الحقيقة ؟
"إن الوضوح و النفع ، والوجود لذاته هي المعايير التي قيست بها الحقيقة عند الفلاسفة " ناقش العبارة
"
1/ المقدمة - طرح الإشكالية -
اختلف الفلاسفة قديما وحديثا حول المقياس الذي يبنى عليه مفهوم الحقيقة ، و من أشهر المعايير التي عرفها الفكر الفلسفي : معيار الوضوح و هو الشائع
عند العقلانيين ومعيار النفع و المعروف لدى البراغماتيين و معيار الوجود لذاته و الذي يعتمده الوجوديون و السؤال المطروح : أي معيار من المعايير
السابقة يصلح أن يكون مقياسا للحقيقة ؟
2/ التوسيع -محاولة حل المشكلة -
القضية : ( يستحسن أن يشير التلميذ في البداية إلى معيار الوضوح لأنه يعبر عن الحقيقة في صورتها المطلقة ) يرى فلاسفة العصر الحديث من أمثال ديكارت وسبينوزا أن الحقيقة مقياس عقلي ثابت ، لا يتأثر بتغير الزمان أو المكان ، و الشيء لا يمكن أن يكون
حقيقيا إلا إذا كان واضحا للعقل وضوحا مطلقا . الحجج والبراهين : إن الإنسان في حياته يعتقد بجملة من القضايا ، و يصدر أحكاما كثيرا حول مواضيع مختلفة لكن ليس هناك ما يثبت مصداقية هذه القضايا والأحكام سوى
الوضوح والبداهة ، لأن الوضوح مقياس لا تختلف بشأنه العقول و لا يحايث تغيرات الواقع وتقلباته ، و يتجلى هذا الوضوح في البديهيات الرياضية
كالبديهية التي ترى أنه كلما طرحنا كمية ثابتة من متساويين كلما كانت النتيجة متساوية ، و كقولنا الكل أكبر من الجزء
و في رأي ديكارت أن الفيلسوف لا يستطيع أن يؤكد أمرا إلا إذا كان بديهيا لذلك كانت أول قاعدة في منهجه هي " ألا يقبل مطلقا شيئا على أنه حق ما لم
يتبين بالبداهة أنه كذلك " ذلك لأن الأحكام السابقة و التصورات المألوفة الخاطئة يجب أن تكون هدفا لشكنا ، و محلا لمراجعاتنا تمهيدا لاستبدالها بأفكار
صادقة لا يعود لدينا مجال للشك فيها ، و أهم حقيقة بالنسبة إلى ديكارت هي " ما الدليل على وجوده " فيقول : " لاحظت أنه لاشيء في قولي أنا أفكر
إذن فأنا موجود " يضمن لي أني أقول الحقيقة ، إلا كوني أرى بكثير من الوضوح ، أن الوجود واجب التفكير ، فحكمت بأنني أستطيع اتخاذ قاعدة عامة
لنفسي ، وهي أن الأشياء التي نتصورها تصورا بالغ الوضوح و التمييز هي صحيحة كلها
و هذا معناه أن الحكم الصادق والواضح يفرض على العقل أن لا يشك فيه من جديد ، و هو ليس نتاج عن الحواس والخيال أو ما يفرضه علينا الآخرون . و هو الحكم الذي عندما نقارنه ذهنيا بحكم باطل ملتبس فإن كفة الحكم الصادق ترجحه أذهاننا .و هذا تماما ما أشار إله سبينوزا عندما قال : " ..فكما أن
النور يكشف عن نفسه وعن الظلمات ، كذلك الصدق هو معيار نفسه و معيار الكذب " النقد والتقييم : إذن الحقيقة في نظر هؤلاء العقلانيين مرادفة للوضوح ، و مصاحبة لأحكامنا المجردة من الشك ، و أن العقل بحكمه عليها بالصدق يرجحها تلقائيا دون
سواها من الأحكام الزائفة . لكن إرجاع الحقيقة كلها إلى الوضوح بنقل الحقيقة من مستواها الموضوعي إلى مستواها الذاتي المشخصن ، فتكون بالتالي كل أحكام الإنسان و الموجهة
بواسطة مكتسبات تربوية و اجتماعية ومذهبية هي عنوان للحقيقة التي يعتقد بها ما دام أنها في نظره واضحة و بديهية . و التاريخ الإنساني يؤكد أن
الأوربيين في العصر الوسيط قد ركنوا مدة طويلة إلى الفكرة الشائعة التي ترى بمركزية الأرض للكون ، و بما أنها كانت تتراءى لهم واضحة و بديهية
لم يتقبلوا حينذاك غيرها. يقول أ . بايي : " إن الأفكار الواضحة والبالغة الوضوح هي في الغالب أفكار ميتة " بمعنى أنها تحتاج إلى تغيير في نفوسنا ، و
في مقابلها أن الأفكار الثورية الجديدة يجد مكتشفوها صعوبات في نشرها . على نحو ما يحدث مع الزعماء و المصلحين و العلماء .. نقيض القضية ( يستحسن أن يدرج التلميذ في هذه القضية المقياسين المتبقيين معا ) و في مقابل هذه القضية يرى البرغماتيون أن مقياس الحقيقة هو كل ما يمكن أن يقدم للإنسان منفعة و مصلحة في حياته ، ومن ثمة فالحقيقة ليست واحدة
بل هي متعددة و متغيرة ، ومتأثرة بشكل الواقع الذي يواكبه الأفراد ، أما الوجوديون فالحقيقة الأولى في نظرهم هي الوجود الإنسان و ما يقتضيه هذا
الوجود من شروط ضرورية كحريته ، و إنجازه لماهيته
الحجج والبراهين : ومن الأدلة التي يبرر بها البراغماتيون موقفهم : أن الحكم لا يكون متصفا بالصدق إلا إذا دلت التجربة على أنه مفيد نظريا و عمليا ، و بذلك تكون
المنفعة هي المعيار الوحيد لتمييز صدق الافكار من باطلها و بتعبير ساندرس بيرس : " إن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج ،" أي أن الفكرة الفارغة
من محتواها العملي و نتائجها الملموسة لا يمكن أن تكون تعبيرا صادقا عن مدلول الحقيقة ، فهذه الأخيرة تعكس كل الحلول العملية و النفعية التي تنقل
الإنسان من أوضاع رديئة إلى أوضاع راقية . و من صورة سلبية إلى صورة إيجابية ، يقول وليام جيمس : " إن النتائج التي تنتهي إليها الفكرة هي الدليل
على صدقها و مقياس صوابها " ، و يفهم من هذا أن الحقيقة لا توجد أبدا مستقلة ومنفصلة عن الفعل أو السلوك ، و ليس في الوجود حقيقة واحدة بل
هناك جملة متكثرة من الحقائق ، و أي حقيقة هي قابلة للمراجعة بسبب الواقع المتغير ، و التجدد المستمر للتجربة الإنسانية فالصدق هنا هو صدق بالنسبة
إلى الواقع الذي ليس متحجرا و لا ثابتا على حال ، يقول وليام جيمس : " إن كل ما يؤدي إلى النجاح فهو حقيقي ، و إن كل ما يعطينا أكبر قسط من
الراحة وما هو صالح لأفكارنا و مفيد لنا بأي حال من الأحوال ، فهو حقيقي " أما الفلاسفة الوجودية لا يرون تعبيرا صادقا للحقيقة إلا من خلال الوجود الإنساني الحسي الذي يشعر به كل واحد منا في عالمه الداخلي و يعيشه بكل
جوارحه و مشاعره ، و من خصائص هذا الوجود لا يشبه عالم الأشياء في سكونها و ما يطرأ عليها من حتميات ، بل هو وجود متنامي و مستمر و قابل
في كل مرة للإستبدال ، يقول هيدغر : " "إن الكائن اليوم هو الكائن القابل للاستبدال" أي أنه وجد من أجل أن يصنع ماهيته من جهة ، ومن أجل أن
يموت من جهة أخرى ، وبين الحياة والموت توجد تجربة وجودية تتضمن القلق و المحن و ثقل المسؤولية . لذلك يضع الوجوديون بخلاف العقلانيين
الوجود الإنساني
و ما يستدعيه من شعور باطني و انفعالي فوق كل حقيقة يقول كيركغارد : " إن النتائج التي تنتهي إليها المحنة " passion هي وحدها الخليقة بالإيمان
هي وحدها المقنعة " إذن لا حقيقة عند الفرد إلا ما يحياه و ينفعل له " النقد والتقييم : إن الحقيقة بالنسبة للبراغماتيين و الوجوديين سواء لم تبارح نطاقها الواقعي و الإنساني ، و أنها متى ابتعدت عن مصالح الإنسان أو حياته الوجودية كانت
باطلة ومستبعدة . لكن إذا سلمنا مع البراغماتيين بالمقياس النفعي للحقيقة يجعل من الصعب إلزام جميع الناس بأفكار نعتقد أنها تصلح لهم قاطبة ، أي أنه ما يبدو لشخص
منا نافعا و صالحا قد يكون ضارا بالنسبة لشخص آخر . و الأفكار التي تبدو صالحة للفرد قد تضر بالمصلحة العامة . أما عن حصر الحقيقة في حدود التجربة الذاتية للإنسان و الشعور بها ، فهذا تضييق لمعنى الحقيقة التي هي سابقة عنه ، و مستمرة بعده ، و أيضا
إرجاعها عند حدود الإنسان معناه الحكم علي الإنسان بالعزلة عن كل ما هو موجود معه ، و حمله عل التمرد عن نظمه وقيمه الإجتماعية ، وجعل حريته
هي علة أخلاقه و قيمه و هذا الذي يعبر عنه كيركجارد يقوله : " اختر ذاتك قبل أن يختارها لك الآخرون " التركيب : و لتهذيب هذه المواقف المتعارضة حول مفهوم الحقيقة ، يجب التأكيد أن معيار صدق أحكامنا و أفكارنا بالنسبة للعقلانيين هو مدى وضوحها و قدرة
العقل على تمييزها من غيرها
و من جهة ثانية أن ميل الإنسان إلى ما ينفعه و الابتعاد عما يضر بمصالحه ، هو ميل طبيعي بالنسبة إلى البراغماتيين من شأنه أن يجعل الحقائق في
حياة الإنسان متنوعة و متكثرة و متغيرة ، و أما اهتمام الوجوديين بالوجود العيني الإنساني فهو اهتمام بالحقيقة التي لا تتكرر بالتجربة أكثر من مرة في
نظرهم . و التي هي جديرة بالاهتمام أكثر من الاهتمام بغيرها . الخاتمة ( حل المشكلة ) و في الأخير فإن الإجابة عن مسألة الحقيقة ظت فلسفيا مرتبطة بطبيعة الأنساق الفكرية والمذهبية لدى الفلاسفة و متأثرة بنظرياتهم و تصوراتهم حيال
الوجود ، لكن حل هذه المشكلة يفرض اعتبار معيار الحقيقة معيارا موضوعيا مفارقا لكل ما من شأنه أن يحصر الحقيقة في إطار ذاتي ضيق ، و أن
يسمو بها عن كل تقلبات الواقع و نزوات الإنسان و أهوائه .
- اذاكنت امام موقفين متعارضين يقول أولهما:ان معيار الحقيقة هو الوضوح,و يقول ثانيهما أن معيارها النفع و يدفعكالقرار إلى أن تفصل في الأمر
فتصف المعيار السليم الذي يرشد إلى الحقيقة ، فما عساك أن تصنع ؟
طرح المشكلة:الرغبة في المعرفة هي في الواقع رغبة في الحقيقة, في إدراك حقيقة الأشياء و حقيقة الإنسان , والوجود عامة. غير أن تاريخ الفلسفة يبين
أن هناك عدة نظريات وتصورات حول الحقيقة و معاييرها، تختلف بحسب المنطلقات العقلية والمشارب المذهبية، ولذلك نجد فريقا من الفلاسفة يقول أن
الحقيقة معيارها الوضوح، وفريقا آخرا يقول بمعيار المنفعة. فهل الحقيقة تقاس بالبداهة و الوضوح أم أن مقياسها النفع و العمل المنتج؟
محاولة حل المشكلة:الأطروحة الأولى:إن مقياس الوضوح و البداهة و الصدق و اليقين هو أساس الحقيقة المطلقة للفلسفة ومن أنصار هدا الرأي ديكارت
و سبينوزا فلقد كانت أول قاعدة في المنهج الذي سطره ديكارت ألا يقبل مطلقا على انه حق ما لم يتبين بالبداهة و أن لا يأخذ من أحكامه إلا ما يتمثله عقله
بوضوح تام بحيث لا يعود لديه مجال للشك فيه بمعنى أن معيار الحقيقة لديه هو العقل. وكل ما يبدو للعقل بديهيا فهو حقيقي أي كل الأمور التي لا يجد
العقل شك في التصديق بها نظرا لوضوحها فإنها إذن الحقيقة وقد فجر العصر الحديث بمقولته الشهيرة – انأ أفكر إذن أنا موجود وهو المعيار الذي يدافع
عنه سبينوزا أكثر حين يؤكد أن الحقيقة لا تحتاج إلى أي معيار خارجي عنها مادامت هي معيار ذاتها.فمن يمتلك فكرة صحيحة لا يحتاج إلى من يعلمه
ذلك أو من يؤكد له.لان الفكرة الصحيحة تخبر عن نفسها و تؤكد ذاتها مادامت تبدو بديهية جدا لصاحبها و البديهي يفرض نفسه على العقل انه يفرض
نفسه بوضوح تام. يقول...فكما أن النور يكشف عن نفسه و عن الظلمات,كذلك الصدق هو معيار نفسه و معيار الكذب( مناقشة:غيران إرجاع الحقيقة كلها
إلى الوضوح يجعلنا نلجأ إلى معيار ذاتي فقد نحس بأننا على صواب في أحكامنا على أساس الوضوح و لكن قد يقف احدنا بعد ذلك على خطاه انه مقياس
ملتحم بالحياة السيكولوجية الذاتية)ما يتوافق مع تربيته و ميوله و اتجاهاته(. لأطروحة الثانية: هذا ما أدى إلى معارضة شديدة لهذا الطرح للحقيقة و
أعطى بديلا فلسفيا يتجلى في معيار النفع و من ممثليه أقطاب البراغماتية أمثال:بيرس و جيمس فالحكم يكون صادقا متى دلت التجربة على انه مفيد
نظريا و عمليا وبذلك تعتبر المنفعة المحك الوحيد لتميز صدق الأحكام من باطلها فالحق لا يوجد أبدا منفصلا عن الفعل أو السلوك فنحن لا نفكر في
الخلاء وإنما نفكر لنعيش وليس ثمة حقيقة مطلقة بل هناك مجموعة متكثرة من الحقائق التي ترتبط بمنافع كل فرد منا في حياته.يقول بيرس)إن الحقيقة
تقاس بمعيار العمل المنتج أي أن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له وليست حقيقة في ذاتها( و يضيف جيمس )إن النتائج أو الآثار التي تنتهي إليها فكرة
هي الدليل على صدقها و مقياس صوابها( ناقشة:إذا اعتمدنا على معيار النفع نكون مضطرين إلى عدم قبول القضايا التي ليست لها نتائج عملية
واستبعادها من دائرة القضايا الصحيحة.ثم إن مفهوم المنفعة واسع جدا هل هو منفعة الفرد الخاص أم منفعة الجماعة؟. لتركيب:إن مقاييس الحقيقة تابعة
لطبيعة هاته الحقيقة و مجالاتها و فلسفة أصحابها فهي موجودة في فكرة الوضوح و البداهة عند العقلانيين و المنفعة والمصلحة عند البراغماتيين كما أن
الحقيقة مجالها هو الإنسان المشخص في وجوده الحسي و حقيقة الإنسان هي في انجاز ماهيته كما يرى الوجوديون مع سارتر
حل المشكلة: إذن ، إن تعارض القولين لا يرفع بالضرورة صحتهما معا, فإذا كان مقياس مطابقة العقل للتجربة المؤشر الأهم في الميدان العلمي, فان
الوضوح و البداهة هو الميزان المناسب لمعرفة الحقيقة الفلسفية كما ان محك الحقيقة اللدنية لدي الصوفية هو الذوق .
أبطل الأطروحة التالية:إن الحقيقة مطلقة . طرح المشكلة: من الملاحظ أن الواقع متغير وما هو متغير نسبي يختلف إدراكه من شخص لأخر مما يجعل الحقيقة نسبية غير أن هناك من اعتقد أن
الحقيقة مطلقة وهي ما يطمح إليه الفيلسوف غير أن هذه النظرية فيها الكثير من المبالغة و الخطأ وهذا ما يدفعنا إلى الشك في صدقها.فكيف يمكن إبطال
ذلك؟ محاولة حل المشكلة: 0- عرض الأطروحة و البرهنة عليها: إن الحقيقة مطلقة يستطيع الفيلسوف بلوغها عن طريق العقل أو الحس ونجد هذا النوع
من الحقيقة في الفكر الأفلاطوني حيث يميز أفلاطون بين عالمين عالم الأشياء الذي يشكل مادة إدراك حواسنا وهو متغير قابل للفناء,وعالم المثل الذي لا
تدركه الأبصار و هو ثابت ومطلق.فتتميز الحقيقة المطلقة بكونها مجردة من كل قيود وغير مرتبطة بأحكام الناس وهي مستقلة لا تحتاج من اجل وجودها
إلى علل و أسباب لا تخضع للزمان و المكان.ونفس الطرح نجده عند أرسطو الذي تكمن الحقيقة المطلقة عنده في المتحرك الذي لا يتحرك. 2- عرض
مناصري الأطروحة ونقدهم: إن هذه النظرية لها مناصرين وهم أصحاب المذهب العقلاني بقيادة ديكارت الذي يجعل من الحقيقة مطلقة انطلاقا من الحكم
الصادق الذي يحمل في طياته معيار صدقه وهو الوضوح.)نقدهم(ولكن هذه الأطروحة فيها مبالغة إذ كيف نفسر التعدد و الاختلاف في الحقائق هذا من
جهة و من جهة أخرى الحقيقة المطلقة من منظور فلسفي حقيقة مجردة ميتافيزيقية وهي حقائق يصعب إدراكها بالعقل لعجزه عن بلوغها,وإذا تجرا على
تناولها كانت نسبية و متغيرة بتغير ظروف صاحبها النفسية الفكرية والاجتماعية وفي هذا السياق عبر الفيلسوف الفارابي عن صعوبة إدراك حقائق
الأشياء يقولالوقوف على حقائق الأشياء ليس في قدرة البشر,ونحن لانعرف من الأشياء إلا الخواص واللوازم و لا نعرف الفصول المقومة لكل منها(.كما
أن الحقيقة من منظور الصوفية هي الأخرى متغيرة و نسبية نسبة إلى إيمان الشخص ومدى عمق قوته وضعفه الذي يجعل من الحقيقة حقائق متغيرة
بتغير مستوى إيمان أصحابها رفع منطق الاطروحة بحجج شخصية: إن الحقيقة المطلقة هي حقيقة مطلقة في ذاتها لكنها حقيقة متغيرة ونسبية عندما تتعلق
بالإنسان لأنها متوقفة على الواقع النفسي و الفكري و الاجتماعي,فالحقيقة التي يتحدث عنها الفلاسفة يتحدثون عنها ضمن انساق و مذاهب مما يجعلها
تحت رحمة النسق فاله اقلاطون ليس اله أرسطو , واله أرسطو ليس اله ديكارت,وهذا ما أكده كانط بقوله )الحقيقة المطلقة لايحتضنها عقل ولا يدركها
علم ). حل المشكلة: من خلال ما سبق ذكره يبدو إن القول بالحقيقة المطلقة ليس له ما يبرره مما يدفعنا إلى رفض هذه الأطروحة ونقد مسلماتها والرد على
حججها و بالتالي فهذه الأطروحة باطلة ويجب رفضها .
الإبداع :
السؤال : هل ترجع عملية الابداع الى شروط نفسية فقط ؟
الطريقة : جدلية
-i طرح المشكلة : إن الابداع هو ايجاد شيئ جديد ، وذلك ما يكشف عن اختلافه عن ماهو مألوف ومتعارف عليه ، وعن تحرره من التقليد ومحكاة
الواقع . ومن جهة أخرى ، فإن عدد المبدين – في جميع المجالات – قليل جدا مقارنة بغير المبدعين ، وهو ما يوحي ان تلك القلة المبدعة تتوافر فيها
صفات وشروط خاصة تنعدم عند غيرهم ، فهل معنى ذلك ان الابداع يتوقف على شروط ذاتية خاصة بالمبدع ؟
–ii محاولة حل المشكلة : -1 أ – عرض الاطروحة : يرى بعض العلماء ، ان الابداع يعود اصلا الى شروط نفسية تتعلق بذات المبدع وتميزه عن غيره من غير المبدعين كالذكاء
وقوة الذاكرة وسعة الخيال والاهتمام والارادة والشجاعة الادبية والجرأة والصبر والرغبة في التجديد .. اضافة الى الانفعالات من عواطف وهيجانات
مختلفة . ومن يذهب الى هذه الوجهة من النظر الفيلسوف الفرنسي ) هنري برغسون ( والعالم النفساني ) سيغموند فرويد ( الذي يزعم ان الابداع يكشف
عن فاعلية اللاشعور وتعبير غير مباشر عن الرعبات المكبوتة . -1 ب – الحجة : ويؤكد ذلك ، أن استقراء حياة المبدعين – في مختلف ميادين الابداع – يكشف ان هؤلاء المبدعين انما يمتازون بخصائص نفسية
وقدرات عقلية هيأتهم لوعي المشاكل القائمة وايجاد الحلول لها . فالمبدع يتصف بدرجة عالية من الذكاء والعبقرية ، فإذا كان الذكاء – في احد تعاريفه – قدرة على حل المشكلات ، فإنه يساعد المبدع على طرح
المشاكل طرحا صحيحا وايجاد الحلول الجديدة لها . ثم ان المبدع في تركيبه لأجزاء وعناصر سابقة لإبداع جديد انما يكشف في الحقيقة عن علاقة بين
هذه الاجزاء او العناصر ، والذكاء – كما يعرف ايضا – هو ادراك العلاقات بين الاسشياء او الافكار . واصل كل ابداع التخيل المبدع ، والتخيل – اصلا – هو تمثل الصور مع تركيبها تركيبا حرا وجديدا ، لذلك فالابداع يقتضي مخيلة قوية وخيالا واسعا
خصبا ، فكلما كانت قدرة الانسان على التخيل اوسع كلما استطاع تصور صور خصبة وجديدة ، وفي المقابل كلما كانت هذه القدرة ضيقة كان رهينة
الحاضر ومعطيات الواقع . ويشترط الابداع ذاكرة قوية ، فالعقل لا يبدع من العدم بل استنادا الى معلومات وخبرات سابقة التي تقتضي تذكرها ، لذلك فالذاكرة تمثل المادة الخام
والعناصر الاولية للابداع . هذا ، واستقراء حياة المبدعين وتتبع اقوالهم وهم يصفون حالاتهم قبل الابداع او اثنائه ، يؤكد دور الارادة والاهتمام في عملية الابداع ، فمن كثرة اهتمام
العالم الرياضي الفرنسي ) بوانكاريه ( بإيجاد الحلول الجديدة للمعادلات الرياضية المعقدة ، غالبا ما كان يجد تلك الحلول وهو يضع قدميه على درج
الحافلة ، وهذا ) ابن سينا ( قبله من شدة اهتمامه بمواضيع بحثه كثيرا ما كان يجد الحلول للمشكلات التي استعصت عليه اثناء النوم . والعالم ) نيوتن ( لم
يكتشف قانون الجاذبية لمجرد سقوط التفاحة ، وانما كان يفكر باهتمام بالغ وتركيز قوي في ظاهرة سقوط الاجسام ، وما سقوط التفاحة الا مناسبة
لاكتشاف القانون . وما يثبت دور الحالات الوجدانية الانفعالية في عملية الابداع ان التاريخ يثبت – على حد قول برغسون – ان « كبار العلماء والفانين يبدعون وهم في
حالة انفعال قوي » . ذلك ان معطيات علم النفس كشفت ان الانفعالات والعواطف القوية تنشط المخيلة التي هي المسؤولة عن عملية الابداع . وبالفعل ،
فاروع الابداعات الفنية والفكرية تعبر عن حالات وجدانية ملتهبة ، فلقد اجتمعت عواطف المحبة الاخوية والحزن عند ) الخنساء ( فأبدعت في الرثاء . ولما كان الابداع هو ايجاد شيئ جديد ، فماهو جديد – في جميع المجالات – يقابل برفض المجتمع لتحكم العادة ، فمثلا افكار) سقراط ( و ) غاليلي )
قوبلت بالرفض والاستنكار ، ودفعا حياتهما ثمنا لافكارهما الجديدة ، وعليه فالمبدع اذا لم يتصف بالشجاعة الفكرية والادبية والروح النقدية والميل الى
التحرر .. فإنه لن يبدع خشية مقاومة المجتمع له . -1 ج - النقد : ولكن الشروط النفسية المتعلقة بذات المبدع وحدها ليست كافية لحصول الابداع ، إذ معنى ذلك وجود ابداع من العدم . والحقيقة انه مهما
طالت حياة المبدع فانه من المحال ان يجد بمفرده اجزاء الابداع ثم يركبها من العدم . ومن جهة أخرى ، فالذكاء – الذي يساهم في عملية الابداع – وان
كان في اصله وراثيا ، فإنه يبقى مجرد استعدادات فطرية كامنة لا تؤدي الى الابداع مالم تقم البيئة الاجتماعية بتنميتها وابرازها . كما يستحيل الحديث
عن ذاكرة فردية محضة بمعزل عن المجتمع . واخيرا ، فإن ان هذه الشروط حتى وان توفرت فهي لا تؤدي الى الابداع مالم تكن هناك بيئة اجتماعية
ملائمة تساعد على ذلك . وهذا يعني ان للمجتمع نصيب في عملية الابداع . -2 أ – عرض نقيض الاطروحة : وعلى هذا الاساس ، يذهب الاجتماعيون الى ان الابداع ظاهرة اجتماعية بالدرجة الاولى ، تقوم على ما يوفره
المحتمع من شروط مادية او معنوية ، تلك الشروط التي تهيئ الفرد وتسح بالابداع . وهو ما يذهب اليه انصار النزعة الاجتماعية ومنهم ) دوركايم (
الذي يؤكد على ارتباط صور الابداع المختلفة بالاطر الاجتماعية . -2 ب – الحجة : وما يثبت ذلك ، ان الابداع مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية اما لجلب منفعة او دفع ضرر ، فالحاجة هي التي تدفع الى لابداع وهي
ام الاختراع ، وتظهر الحاجة في شكل مشكلة اجتماعية ملحة تتطلب حلا ، فإبداع ) ماركس ( لفكرة " الاشتراكية " انما هو حل لمشكلة طبقة اجتماعية
مهضومة الحقوق ، و اكتشاف ) تورشيلي ( لقانون الضغط جاء كحل لمشكلة اجتماعية طرحها السقاؤون عند تعذر ارتفاع الماء الى اكثر من 01.33 م . كما ان التنافس بين المجتمعات وسعي كل مجتمع الى اثبات الوجود ما يجعل المجتمع يحفز افراده على الابداع ويوفر لهم شروط ذلك ؛ فاليابان – مثلا –
لم تكن شيئا يذكر بعد الحرب العالمية الثانية ، لكن تنافسها الاقتصادي مع امريكا واروبا الغربية جعل منها قوة خلاقة مبدعة . كما ان التنافس العسكري
بين امريكا والاتحاد السوفياتي سابقا ادى الابداع في مجال التسلح . كما ترتبط ظاهرة الابداع بحالة العلم والثقافة القائمة ؛ وما يثبت ذلك مثلا انه من المحال ان يكتشف المصباح الكهربائي في القرن السابع ، لأنه كإبداع
يقوم على نظريات علمية رياضية فيزيائية لم تكن متوفرة وقتذاك . ولم يكن ممكنا اكتشاف الهندسة التحليلية قبل عصر ) ديكارت ( ، لأن الجبر والهندسة
لم يبلغا من التطور ما يسمح بالتركيب بينهما . ولم يبدع شعراء كبار مثل ( المتنبي ، أبو تمام .. ( الشعر المسرحي في عصرهم ، لأن الادب المسرحي
لم يكن معروفا حينذاك . وتعذر على ) عباس بن فرناس ( الطيران ، لأن ذلك يقوم على نظريات علمية لم تكتشف في ذلك العصر . ويرتبط الابداع – ايضا - بمختلف الظروف السياسية ؛ حيث يكثر الابداع اليوم في الدول التي تخصص ميزانية ضخمة للبحث العلمي وتهيئ كل
الظروف التي تساعد عى الابداع . ولقد عرفت الحضارة الاسلامية ازهى عصور الابداع ، لما كان المبدع يأخذ مقابل ابداعه ذهبا وتشريفا . -2ج - النقد : غير ان التسليم بأن الشروط الاجتماعية وحدها كافية لحصول الابداع يلزم عنه التسليم ايضا ان كل افراد المجتمع الواحد مبدعين عند
توفر تلك الشروط وهذا غير واقع . كما ان الاعتقاد ان الحاجة ام الاختراع غير صحيح ، فليس من المعقول ان يحصل اختراع او ابداع كلما احتاج
المجتمع الى ذلك مهما وفره من شروط ووسائل . وما يقلل من اهمية الشروط الاجتماعية هو ان المجتمع ذاته كثيرا ما يقف عائقا امام الابداع ويعمل
على عرقلته ، كما كان الحال في اروبا إبّان سيطرة الكنيسة في العصور الوسطى . –3 التركيب : ان الابداع كعملية لا تحصل الا اذا توفرت لها شروط ذلك ، فهي تتطلب اولا قدرات خاصة لعلها لا تتوفر عند الكثير ، مما يعني ان تلك
القلة المبدعة لم تكن لتبدع لولا توفرها على تلك الشروط ، غير انه ينبغي التسليم ان تلك الشروط وحدها لا تكفي ، فقد تتوفر كل الصفات لكن صاحبها لا
يبدع ، مالم يجد مناخ اجتماعي مناسب يساعده على ذلك ، مما يعني ان المجتمع يساهم بدرجة كبيرة في عملية الابداع بما يوفره من شروط مادية
ومعنوية ، مما ؤدي بنا الى القول ان الابداع لا يكون الا بتوفر الشروط النفسية والاجتماعية معا .
–iii حل المشكلة : وهكذا يتضح ان عملية الابداع لا ترجع الى شروط نفسية فقط ، بل وتتطلب بالاضافة الى ذلك جملة من الشروط الاجتماعية
فالشروط الاولى عديمة الجدوى بدون الثانية ، الامر الذي يدعونا ان نقول مهما كان الابداع فرديا ، فإنه يحتوي على نصيب اجتماعي « : ) مع ) ريبو
» .مقالة فلسفية جدلية: هل يعود التخيل المبدع الى عوامل نفسية أم اجتماعية ؟ 3 آداب و فلسفة
التخيل/ هو القدرة على إنشاء صور في الذهن بشكل حر يتجاوز قيود الزمان و المكان ، كأن نتخيل حصان مجنح أو عروس البحر يقول لالاند" التخيل
هو تركيب شيئ لا واقعي و غير موجود " يميزعلماء النفس بين 0- التخيل التمثيلي / موجود عند عامة الناس ، تنشأ فيه الصور بشكل تلقائي حسب زمان و مكان وقوع الأحداث ، فهو ذاكرة بلا
عرفان ، كأن نتخيل حياة الرسول الكريم في بيئة صحراوية لا غير ... 2- التخيل المبدع / ، تنشأ فيه الصور بشكل إرادي وانتقائي هادف ، نجده عند فئة معينة من الناس هم المبدعون الذين يتخيلون الحلول للمشاكل الطارئة ،
ليس فيه تكرار او تقليد
ملاحظة / يمكن استعمال المفاهيم في المقدمة ، و الاشارة الى ان مشكلة طبيعة الابداع من المواضع الفلسفية الهامة التي أثارت جدلا واسعا بين الفلاسفة
صياغة المشكلة :
هل يعود الإبداع إلى عوامل نفسية أم اجتماعية ؟
ا - الاتجاه النفسي / يتوقف الإبداع على عوامل نفسية تتعلق بالذات المبدعة ، و ما يؤكد ذلك أن المبدعين يتميزون بقدرات ذاتية و خصائص نفسية
و انفعالية متطورة حددها رينيه بواريل R.Boirel في الإرادة الكبيرة و الاهتمام و الميل والفضول العلمي و حب الإطلاع و الحس الإشكالي ، ان
المبدع يطرح الأسئلة باستمرار ، و ينظر الى الأشياء العادية نظرة غير عادية تطرح أمامه إشكالية تستدعي الحل ، مثل العالم الفيزيائي نيوتن مكتشف
الجاذبية و العالم أرخميدس مكتشف قانون الدافعة. كما يتميز المبدعون بقوة الذاكرة و حدة الذكاء و التخيل الواسع و التأمل العميق ، و هي صفات يفتقر
اليها الكثير من الناس
يعود السلوك الابداعي في نظر العالم النفساني س . فرويد الى الدوافع النفسية اللاشعورية ، حيث تنفجر الرغبات المكبوتة و النزوات الخفية في صور
ابداعية رائعة سماها بظاهرة الاعلاء . المبدع شخص متحمس ذو انفعال كبير يقول هنري برغسون H.Bergson " إن العلماء الذين يتخيلون الفروض ، و الابطال و القدسين الذين يبدعون
المفاهيم الخلقية لا يبدعون في حالة جمود الدم بل يبدعون في جو حماسي و تيار ديناميكي تتلاطم فيه الأفكار " النقد/ ان العوامل النفسية غير كافية لتجعل من المرء مبدعا ، لأن الابداع يحتاج أيضا الى امكانتيات مادية والى بيئة مشجعة ، و لعل هجرة الأدمغة الى
المجتمعات المتقدمة لأحسن دليل على أن للمجتمع دور في هذه الملكة
ب- الاتجاه الاجتماعي / يرى فلاسفة الاجتماع و على راسهم إميل دوركايم E.Durckeime أن الابداع له طبيعة اجتماعية ، و الدليل على ذلك
أن الإبداع يتوقف على حاجات المجتمع من جهة ، و على درجة نموه من جهة ثانية . فالحاجة أم الاختراع ، عندما تظهر مشكلة في المجتمع يلجأ البعض
الى اختراع الحلول لها ، لذلك لا يمكن أن نتصور إبداعا خارج حاجات المجتمع، فلما كان الناس بحاجة الى التنقل أخترعت وسائل النقل كالسيارة و
القطار و الطائرة ، و لما كان المجتمع بحاجة الى الدفاع عن نفسه اخترعت مختلف الأسلحة ،و لما كان المرضى ايضا بحاجة الى العلاج اخترعت
مختلف الأدوية و الأجهزة الطبية ، و لا يستطيع المبدع أن يبتكر شيئا الا اذا توفرت لديه الإمكانيات المادية التي يوفرها المجتمع ، لذلك لم يكن باستطاعة
الناس أن يصنعوا القنبلة الذرية في العصور الوسطى رغم ذكائهم و خيالهم الواسع الذي برز في الفلسفة و الأدب لأن صنعها يتطلب تيكنولوجيا عالية
ان الإبداع يكثر كذلك في الدول المتقدمة ، و يكاد ينعدم في الدول المتخلفة مما يؤكد أنه مرتبط بحالة المجتمع الاقتصادية و السياسية و الثقافية ،و يرى
دوركايم ان المبدع في مختلف المجالات لا يبدع لنفسه بل يبدع للغير ، فأروع الفنانين مثلا هم الذين يثيرون مشاعر الجماهير ، و يتركون أثرا في حياة
الجماعة
النقد/ لو كان الابداع يعود الى عوامل اجتماعية لكان افراد المجتمع المتقدم كلهم مبدعين ، و العكس بالنسبة الى أفراد المجتمع المتخلف ، الا أن الواقع
يثبت العكس.مما يؤكد أن للعوامل الذاتية دخل في هذه الوظيفة
التركيب / التخيل المبدع يعود في حقيقة الامر الى اشتراك العوامل النفسية المتعلقة بالذات المبدعة و الى موهبتها و يحتاج أيضا الى بيئة اجتماعية
الحقيقة :السؤال : هل ترجع عملية الابداع الى شروط نفسية فقط ؟
الطريقة : جدلية
-i طرح المشكلة : إن الابداع هو ايجاد شيئ جديد ، وذلك ما يكشف عن اختلافه عن ماهو مألوف ومتعارف عليه ، وعن تحرره من التقليد ومحكاة
الواقع . ومن جهة أخرى ، فإن عدد المبدين – في جميع المجالات – قليل جدا مقارنة بغير المبدعين ، وهو ما يوحي ان تلك القلة المبدعة تتوافر فيها
صفات وشروط خاصة تنعدم عند غيرهم ، فهل معنى ذلك ان الابداع يتوقف على شروط ذاتية خاصة بالمبدع ؟
–ii محاولة حل المشكلة : -1 أ – عرض الاطروحة : يرى بعض العلماء ، ان الابداع يعود اصلا الى شروط نفسية تتعلق بذات المبدع وتميزه عن غيره من غير المبدعين كالذكاء
وقوة الذاكرة وسعة الخيال والاهتمام والارادة والشجاعة الادبية والجرأة والصبر والرغبة في التجديد .. اضافة الى الانفعالات من عواطف وهيجانات
مختلفة . ومن يذهب الى هذه الوجهة من النظر الفيلسوف الفرنسي ) هنري برغسون ( والعالم النفساني ) سيغموند فرويد ( الذي يزعم ان الابداع يكشف
عن فاعلية اللاشعور وتعبير غير مباشر عن الرعبات المكبوتة . -1 ب – الحجة : ويؤكد ذلك ، أن استقراء حياة المبدعين – في مختلف ميادين الابداع – يكشف ان هؤلاء المبدعين انما يمتازون بخصائص نفسية
وقدرات عقلية هيأتهم لوعي المشاكل القائمة وايجاد الحلول لها . فالمبدع يتصف بدرجة عالية من الذكاء والعبقرية ، فإذا كان الذكاء – في احد تعاريفه – قدرة على حل المشكلات ، فإنه يساعد المبدع على طرح
المشاكل طرحا صحيحا وايجاد الحلول الجديدة لها . ثم ان المبدع في تركيبه لأجزاء وعناصر سابقة لإبداع جديد انما يكشف في الحقيقة عن علاقة بين
هذه الاجزاء او العناصر ، والذكاء – كما يعرف ايضا – هو ادراك العلاقات بين الاسشياء او الافكار . واصل كل ابداع التخيل المبدع ، والتخيل – اصلا – هو تمثل الصور مع تركيبها تركيبا حرا وجديدا ، لذلك فالابداع يقتضي مخيلة قوية وخيالا واسعا
خصبا ، فكلما كانت قدرة الانسان على التخيل اوسع كلما استطاع تصور صور خصبة وجديدة ، وفي المقابل كلما كانت هذه القدرة ضيقة كان رهينة
الحاضر ومعطيات الواقع . ويشترط الابداع ذاكرة قوية ، فالعقل لا يبدع من العدم بل استنادا الى معلومات وخبرات سابقة التي تقتضي تذكرها ، لذلك فالذاكرة تمثل المادة الخام
والعناصر الاولية للابداع . هذا ، واستقراء حياة المبدعين وتتبع اقوالهم وهم يصفون حالاتهم قبل الابداع او اثنائه ، يؤكد دور الارادة والاهتمام في عملية الابداع ، فمن كثرة اهتمام
العالم الرياضي الفرنسي ) بوانكاريه ( بإيجاد الحلول الجديدة للمعادلات الرياضية المعقدة ، غالبا ما كان يجد تلك الحلول وهو يضع قدميه على درج
الحافلة ، وهذا ) ابن سينا ( قبله من شدة اهتمامه بمواضيع بحثه كثيرا ما كان يجد الحلول للمشكلات التي استعصت عليه اثناء النوم . والعالم ) نيوتن ( لم
يكتشف قانون الجاذبية لمجرد سقوط التفاحة ، وانما كان يفكر باهتمام بالغ وتركيز قوي في ظاهرة سقوط الاجسام ، وما سقوط التفاحة الا مناسبة
لاكتشاف القانون . وما يثبت دور الحالات الوجدانية الانفعالية في عملية الابداع ان التاريخ يثبت – على حد قول برغسون – ان « كبار العلماء والفانين يبدعون وهم في
حالة انفعال قوي » . ذلك ان معطيات علم النفس كشفت ان الانفعالات والعواطف القوية تنشط المخيلة التي هي المسؤولة عن عملية الابداع . وبالفعل ،
فاروع الابداعات الفنية والفكرية تعبر عن حالات وجدانية ملتهبة ، فلقد اجتمعت عواطف المحبة الاخوية والحزن عند ) الخنساء ( فأبدعت في الرثاء . ولما كان الابداع هو ايجاد شيئ جديد ، فماهو جديد – في جميع المجالات – يقابل برفض المجتمع لتحكم العادة ، فمثلا افكار) سقراط ( و ) غاليلي )
قوبلت بالرفض والاستنكار ، ودفعا حياتهما ثمنا لافكارهما الجديدة ، وعليه فالمبدع اذا لم يتصف بالشجاعة الفكرية والادبية والروح النقدية والميل الى
التحرر .. فإنه لن يبدع خشية مقاومة المجتمع له . -1 ج - النقد : ولكن الشروط النفسية المتعلقة بذات المبدع وحدها ليست كافية لحصول الابداع ، إذ معنى ذلك وجود ابداع من العدم . والحقيقة انه مهما
طالت حياة المبدع فانه من المحال ان يجد بمفرده اجزاء الابداع ثم يركبها من العدم . ومن جهة أخرى ، فالذكاء – الذي يساهم في عملية الابداع – وان
كان في اصله وراثيا ، فإنه يبقى مجرد استعدادات فطرية كامنة لا تؤدي الى الابداع مالم تقم البيئة الاجتماعية بتنميتها وابرازها . كما يستحيل الحديث
عن ذاكرة فردية محضة بمعزل عن المجتمع . واخيرا ، فإن ان هذه الشروط حتى وان توفرت فهي لا تؤدي الى الابداع مالم تكن هناك بيئة اجتماعية
ملائمة تساعد على ذلك . وهذا يعني ان للمجتمع نصيب في عملية الابداع . -2 أ – عرض نقيض الاطروحة : وعلى هذا الاساس ، يذهب الاجتماعيون الى ان الابداع ظاهرة اجتماعية بالدرجة الاولى ، تقوم على ما يوفره
المحتمع من شروط مادية او معنوية ، تلك الشروط التي تهيئ الفرد وتسح بالابداع . وهو ما يذهب اليه انصار النزعة الاجتماعية ومنهم ) دوركايم (
الذي يؤكد على ارتباط صور الابداع المختلفة بالاطر الاجتماعية . -2 ب – الحجة : وما يثبت ذلك ، ان الابداع مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية اما لجلب منفعة او دفع ضرر ، فالحاجة هي التي تدفع الى لابداع وهي
ام الاختراع ، وتظهر الحاجة في شكل مشكلة اجتماعية ملحة تتطلب حلا ، فإبداع ) ماركس ( لفكرة " الاشتراكية " انما هو حل لمشكلة طبقة اجتماعية
مهضومة الحقوق ، و اكتشاف ) تورشيلي ( لقانون الضغط جاء كحل لمشكلة اجتماعية طرحها السقاؤون عند تعذر ارتفاع الماء الى اكثر من 01.33 م . كما ان التنافس بين المجتمعات وسعي كل مجتمع الى اثبات الوجود ما يجعل المجتمع يحفز افراده على الابداع ويوفر لهم شروط ذلك ؛ فاليابان – مثلا –
لم تكن شيئا يذكر بعد الحرب العالمية الثانية ، لكن تنافسها الاقتصادي مع امريكا واروبا الغربية جعل منها قوة خلاقة مبدعة . كما ان التنافس العسكري
بين امريكا والاتحاد السوفياتي سابقا ادى الابداع في مجال التسلح . كما ترتبط ظاهرة الابداع بحالة العلم والثقافة القائمة ؛ وما يثبت ذلك مثلا انه من المحال ان يكتشف المصباح الكهربائي في القرن السابع ، لأنه كإبداع
يقوم على نظريات علمية رياضية فيزيائية لم تكن متوفرة وقتذاك . ولم يكن ممكنا اكتشاف الهندسة التحليلية قبل عصر ) ديكارت ( ، لأن الجبر والهندسة
لم يبلغا من التطور ما يسمح بالتركيب بينهما . ولم يبدع شعراء كبار مثل ( المتنبي ، أبو تمام .. ( الشعر المسرحي في عصرهم ، لأن الادب المسرحي
لم يكن معروفا حينذاك . وتعذر على ) عباس بن فرناس ( الطيران ، لأن ذلك يقوم على نظريات علمية لم تكتشف في ذلك العصر . ويرتبط الابداع – ايضا - بمختلف الظروف السياسية ؛ حيث يكثر الابداع اليوم في الدول التي تخصص ميزانية ضخمة للبحث العلمي وتهيئ كل
الظروف التي تساعد عى الابداع . ولقد عرفت الحضارة الاسلامية ازهى عصور الابداع ، لما كان المبدع يأخذ مقابل ابداعه ذهبا وتشريفا . -2ج - النقد : غير ان التسليم بأن الشروط الاجتماعية وحدها كافية لحصول الابداع يلزم عنه التسليم ايضا ان كل افراد المجتمع الواحد مبدعين عند
توفر تلك الشروط وهذا غير واقع . كما ان الاعتقاد ان الحاجة ام الاختراع غير صحيح ، فليس من المعقول ان يحصل اختراع او ابداع كلما احتاج
المجتمع الى ذلك مهما وفره من شروط ووسائل . وما يقلل من اهمية الشروط الاجتماعية هو ان المجتمع ذاته كثيرا ما يقف عائقا امام الابداع ويعمل
على عرقلته ، كما كان الحال في اروبا إبّان سيطرة الكنيسة في العصور الوسطى . –3 التركيب : ان الابداع كعملية لا تحصل الا اذا توفرت لها شروط ذلك ، فهي تتطلب اولا قدرات خاصة لعلها لا تتوفر عند الكثير ، مما يعني ان تلك
القلة المبدعة لم تكن لتبدع لولا توفرها على تلك الشروط ، غير انه ينبغي التسليم ان تلك الشروط وحدها لا تكفي ، فقد تتوفر كل الصفات لكن صاحبها لا
يبدع ، مالم يجد مناخ اجتماعي مناسب يساعده على ذلك ، مما يعني ان المجتمع يساهم بدرجة كبيرة في عملية الابداع بما يوفره من شروط مادية
ومعنوية ، مما ؤدي بنا الى القول ان الابداع لا يكون الا بتوفر الشروط النفسية والاجتماعية معا .
–iii حل المشكلة : وهكذا يتضح ان عملية الابداع لا ترجع الى شروط نفسية فقط ، بل وتتطلب بالاضافة الى ذلك جملة من الشروط الاجتماعية
فالشروط الاولى عديمة الجدوى بدون الثانية ، الامر الذي يدعونا ان نقول مهما كان الابداع فرديا ، فإنه يحتوي على نصيب اجتماعي « : ) مع ) ريبو
» .مقالة فلسفية جدلية: هل يعود التخيل المبدع الى عوامل نفسية أم اجتماعية ؟ 3 آداب و فلسفة
التخيل/ هو القدرة على إنشاء صور في الذهن بشكل حر يتجاوز قيود الزمان و المكان ، كأن نتخيل حصان مجنح أو عروس البحر يقول لالاند" التخيل
هو تركيب شيئ لا واقعي و غير موجود " يميزعلماء النفس بين 0- التخيل التمثيلي / موجود عند عامة الناس ، تنشأ فيه الصور بشكل تلقائي حسب زمان و مكان وقوع الأحداث ، فهو ذاكرة بلا
عرفان ، كأن نتخيل حياة الرسول الكريم في بيئة صحراوية لا غير ... 2- التخيل المبدع / ، تنشأ فيه الصور بشكل إرادي وانتقائي هادف ، نجده عند فئة معينة من الناس هم المبدعون الذين يتخيلون الحلول للمشاكل الطارئة ،
ليس فيه تكرار او تقليد
ملاحظة / يمكن استعمال المفاهيم في المقدمة ، و الاشارة الى ان مشكلة طبيعة الابداع من المواضع الفلسفية الهامة التي أثارت جدلا واسعا بين الفلاسفة
صياغة المشكلة :
هل يعود الإبداع إلى عوامل نفسية أم اجتماعية ؟
ا - الاتجاه النفسي / يتوقف الإبداع على عوامل نفسية تتعلق بالذات المبدعة ، و ما يؤكد ذلك أن المبدعين يتميزون بقدرات ذاتية و خصائص نفسية
و انفعالية متطورة حددها رينيه بواريل R.Boirel في الإرادة الكبيرة و الاهتمام و الميل والفضول العلمي و حب الإطلاع و الحس الإشكالي ، ان
المبدع يطرح الأسئلة باستمرار ، و ينظر الى الأشياء العادية نظرة غير عادية تطرح أمامه إشكالية تستدعي الحل ، مثل العالم الفيزيائي نيوتن مكتشف
الجاذبية و العالم أرخميدس مكتشف قانون الدافعة. كما يتميز المبدعون بقوة الذاكرة و حدة الذكاء و التخيل الواسع و التأمل العميق ، و هي صفات يفتقر
اليها الكثير من الناس
يعود السلوك الابداعي في نظر العالم النفساني س . فرويد الى الدوافع النفسية اللاشعورية ، حيث تنفجر الرغبات المكبوتة و النزوات الخفية في صور
ابداعية رائعة سماها بظاهرة الاعلاء . المبدع شخص متحمس ذو انفعال كبير يقول هنري برغسون H.Bergson " إن العلماء الذين يتخيلون الفروض ، و الابطال و القدسين الذين يبدعون
المفاهيم الخلقية لا يبدعون في حالة جمود الدم بل يبدعون في جو حماسي و تيار ديناميكي تتلاطم فيه الأفكار " النقد/ ان العوامل النفسية غير كافية لتجعل من المرء مبدعا ، لأن الابداع يحتاج أيضا الى امكانتيات مادية والى بيئة مشجعة ، و لعل هجرة الأدمغة الى
المجتمعات المتقدمة لأحسن دليل على أن للمجتمع دور في هذه الملكة
ب- الاتجاه الاجتماعي / يرى فلاسفة الاجتماع و على راسهم إميل دوركايم E.Durckeime أن الابداع له طبيعة اجتماعية ، و الدليل على ذلك
أن الإبداع يتوقف على حاجات المجتمع من جهة ، و على درجة نموه من جهة ثانية . فالحاجة أم الاختراع ، عندما تظهر مشكلة في المجتمع يلجأ البعض
الى اختراع الحلول لها ، لذلك لا يمكن أن نتصور إبداعا خارج حاجات المجتمع، فلما كان الناس بحاجة الى التنقل أخترعت وسائل النقل كالسيارة و
القطار و الطائرة ، و لما كان المجتمع بحاجة الى الدفاع عن نفسه اخترعت مختلف الأسلحة ،و لما كان المرضى ايضا بحاجة الى العلاج اخترعت
مختلف الأدوية و الأجهزة الطبية ، و لا يستطيع المبدع أن يبتكر شيئا الا اذا توفرت لديه الإمكانيات المادية التي يوفرها المجتمع ، لذلك لم يكن باستطاعة
الناس أن يصنعوا القنبلة الذرية في العصور الوسطى رغم ذكائهم و خيالهم الواسع الذي برز في الفلسفة و الأدب لأن صنعها يتطلب تيكنولوجيا عالية
ان الإبداع يكثر كذلك في الدول المتقدمة ، و يكاد ينعدم في الدول المتخلفة مما يؤكد أنه مرتبط بحالة المجتمع الاقتصادية و السياسية و الثقافية ،و يرى
دوركايم ان المبدع في مختلف المجالات لا يبدع لنفسه بل يبدع للغير ، فأروع الفنانين مثلا هم الذين يثيرون مشاعر الجماهير ، و يتركون أثرا في حياة
الجماعة
النقد/ لو كان الابداع يعود الى عوامل اجتماعية لكان افراد المجتمع المتقدم كلهم مبدعين ، و العكس بالنسبة الى أفراد المجتمع المتخلف ، الا أن الواقع
يثبت العكس.مما يؤكد أن للعوامل الذاتية دخل في هذه الوظيفة
التركيب / التخيل المبدع يعود في حقيقة الامر الى اشتراك العوامل النفسية المتعلقة بالذات المبدعة و الى موهبتها و يحتاج أيضا الى بيئة اجتماعية
هل يقود تطور العلوم إلى إنكار قيام حقيقة نهائية؟
الجواب المقترح : يعتبر الفيلسوف إنسانا عاشقا للحقيقة وباحثا عنها بشكل دائم ومستمر. ويبين تاريخ الفلسفة أن هناك عدة نظريات وتصورات حول الحقيقة، تختلف بحسب
المنطلقات العقلية والمشارب المذهبية، ولذلك نجد فريقا من الفلاسفة يقول بوجود حقيقة مطلقة وثابتة، وفريقا آخرا يقول بحقائق نسبية ومتغيرة. وإذا
تموقعنا في مجال تاريخ المعرفة العلمية، فإننا نلحظ أن التطورات الهائلة والقفزات النوعية التي عرفها العلم ابتداء من العصر الحديث بينت صعوبة
التمسك بحقيقة واحدة ونهائية، وكشفت عن التعديلات والمراجعات التي طالت مختلف المفاهيم والتصورات التقليدية حول الحقيقة. هنا يمكننا التساؤل هل
الحقيقة مطلقة أم نسبية؟ وهل التطورات التي عرفها العلم تؤدي إلى التخلي نهائيا عن أية حقائق مطلقة؟
إذا تأملنا بدقة في السؤال المطروح سنجد أنه يقيم علاقة وثيقة بين تطور العلوم من جهة، وإنكار قيام حقيقة نهائية من جهة أخرى، وهو يدعونا إلى إثبات
هذه القضية أو نفيها. لكن الحديث عن مفهوم الحقيقة هو حديث يتجاوز تاريخ العلوم، ويطال تاريخ المعرفة البشرية عموما والفلسفية منها على وجه
الخصوص. لذلك نجد أنفسنا نتواجد في مجال المعرفة، سواء الفلسفية أو العلمية، لنعالج إلى أي حد يمكن القول بحقيقة مطلقة ونهائية أو القول بخلاف
ذلك . إذا نظرنا في البدايات الأولى لتاريخ الفلسفة، وجدنا الفيلسوف اليوناني أفلاطون يقول بوجود حقائق يقينية ومطلقة مكانها هو عالم عقلي مفارق سماه بعالم
المثل، وهي حقائق يتوصل إليها عن طريق التأمل العقلي الخالص. هكذا اعتبر أفلاطون أن ما يوجد في العالم المحسوس هو مجرد ظلال وأوهام تمدنا
بها الحواس، في حين يمدنا التأمل الفلسفي بالحقيقة الموضوعية، الثابتة والخالدة . وقد بين باسكال فيما بعد أن للقلب حقائقه التي لا يمكن للعقل أن يستدل عليها، وهي حقائق حدسية تدرك على نحو مباشر، يعتقد صاحبها في ثباتها
وصحتها المطلقة. ولعل الكثير من الحقائق الدينية هي من مثل هذا القبيل . وفي نفس السياق اعتبر أبو الفلسفة الحديثة ديكارت بأن العقل يحتوي على مبادئ وأفكار فطرية، لا يمكن الشك في صحتها نظرا لبداهتها ووضوحها
وتميزها في الذهن. ومن ثمة فهي تدرك بشكل حدسي مباشر، ومنها تستنبط باقي الحقائق الأخرى . وبالرغم من أن كانط قدم فلسفة نقدية حاول منة خلالها تجاوز النزعتين العقلانية والتجريبية معا، إلا أن هو الآخر، وفي مجال المعرفة الأخلاقية على
وجه التحديد، يتحدث عن مبادئ وقوانين أخلاقية ذات طابع صوري، مجرد ومطلق . وفي مقابل هذا التصور المثالي المطلق للحقيقة، نجد تصورات فلسفية أخرى تقول بنسبية الحقيقة وتطورها. ويمكن أن نورد في هذا الإطار موقف جون
لوك، كأحد ممثلي النزعة التجريبية، والذي يرفض وجود أفكار أولية وفطرية كتلك التي ادعاها ديكارت، واعتبر على العكس من ذلك بأن العقل صفحة
بيضاء والتجربة هي التي تمده بالمعارف والحقائق. وإذا كانت تجارب الناس مختلفة، فمعنى ذلك أن الحقائق التي تحملها عقولهم ليست على نفس الشاكلة
والمنوال . أما إذا انتقلنا إلى الفلسفة المعاصرة، فيمكن أن نقدم التصور البرغماتي كتصور يقول بنسبية الحقيقة وتعددها. ومن بين ممثلي النزعة البرغماتية نجد وليام
جيمس الذي يرى أن الحقيقة ليست غاية في ذاتها، وأنها لا تمتلك أية قيمة مطلقة، بل هي مجرد وسيلة لإشباع حاجات حيوية أخرى . هكذا يقدم لنا جيمس
تصورا أداتيا ونسبيا للحقيقة؛ بحيث يقول بارتباطها بالمنافع والوقائع وبمدى قدرتنا على استعمالها في وضعيات مختلفة . وإذا انتقلنا الآن إلى حقل المعرفة العلمية الخالصة، وإلى مجال تاريخ العلوم الدقيقة، فإننا نرى أن ما عرفه العلم من تطور في الأدوات والمناهج المعتمدة،
وما رافق ذلك من ظهور عدة نظريات علمية تتجاوز النظريات السابقة، كان له انعكاس على تصور العلماء و الفلاسفة لمفهوم الحقيقة ومراجعتهم للعديد
من المفاهيم والتصورات الكلاسيكية. هكذا نجد الإبيستملوجي الفرنسي غاستون باشلار يؤكد على الطابع النسبي للحقيقة العلمية، ويعتبرها خطأ تم
تصحيحه. فتاريخ العلوم في نظره هو تاريخ أخطاء؛ ذلك أن الكثير من الحقائق العلمية تم تجاوزها واستبدلت بحقائق ونظريات أخرى جديدة. من هنا
نرى أن الحقائق في مجال العلوم الحقة تختلف من حقل علمي إلى آخر من جهة، وتتطور بتطور الأدوات والمناهج العلمية المستخدمة من جهة أخرى.
وقد أكد باشلار على أهمية الحوار بين العقل والتجربة في بناء الحقيقة العلمية؛ ولذلك رفض المبادئ والحقائق البديهية كتلك التي تحدث عنها ديكارت،
كما رفض اعتبار العقل صفحة بيضاء تتلقى المعرفة جاهزة من الواقع كما ذهبت إلى ذلك النزعة التجريبية الساذجة، وذهب بخلاف ذلك إلى التأكيد على
الطابع البنائي والمتجدد للمعرفة العلمية، خصوصا أن بناءات العقل وبراهينه لا تتم في نظره بمعزل عن الاختبارات والتجارب العلمية. هكذا فحقائق
العقل العلمي المعاصر مشروطة بطبيعة الموضوعات التي يريد معرفتها، فهي ليست حقائق منغلقة ثابتة بل منفتحة على الواقع العلمي الجديد . وإذا كانت النزعة الوضعية التجريبية تؤكد على التجربة كمعيار لصحة النظرية العلمية، وتبين الدور الحاسم الذي تلعبه هذه التجربة في التمييز بين
النظريات العلمية وغير العلمية، فإننا نجد بيير تويليي يجسد موقفا يقر من خلاله بعدم وجود تجربة حاسمة، إذ تظل نتائج التحقق التجريبي جزئية وقابلة
للمراجعة، كما يدعو إلى ضرورة خروج النظرية من عزلتها التجريبية وانفتاحها على نظريات أخرى تختبر نفسها من خلال مقارنة نفسها بها . وفي نفس السياق استبدل كارل بوبر معيار التحقق التجريبي بمعيار القابلية للتكذيب؛ بحيث تكون النظرية علمية إذا كانت قابلة للتكذيب في المستقبل، أي
قادرة على تقديم الاحتمالات الممكنة التي تفند بها ذاتها وتبرز الثغرات الكامنة فيها. وهذا يدل على الطابع النسبي والمنفتح للحقائق العلمية . وعلى العموم، فهناك الكثير من الوقائع التي عرفها العلم المعاصر أدت إلى خلخلة المفاهيم والأسس التي كانت ترتكز عليها التصورات الكلاسيكية
للحقيقة، سواء في مجال العلم أو الفلسفة الكلاسيكيين؛ فظهر تصور جديد لمفهومي المكان والزمان مع الهندسات اللاأقليدية ونسبية إنشتاين، كما تمت
زحزحة مبدأي الهوية وعدم التناقض الأرسطيين باكتشاف الطبيعة المزدوجة للضوء وظهور الفيزياء الذرية، وغيرها من الوقائع التي جعلت، كما أكد
باشلار، العقل الكلاسيكي يعيد النظر في مبادئه والحقائق التي يؤمن بها . هكذا يمكن أن نستنتج في الأخير أنه كان للتطورات التي عرفها العلم المعاصر انعكاسات كبيرة على تصور الفلاسفة لمفهوم الحقيقة والنظرية العلمية؛
فظهرت فلسفات تقول بنسبية الحقيقة وخضوعها للمراجعة والتعديل المستمر، غير أن هذا لا يجب أن يحجب عنا وجود بعض الفلسفات والمذاهب، سواء
في الماضي أو الآن، تتشبث ببعض الحقائق وتعتبرها مطلقة ونهائية، خصوصا إذا تعلق الأمر بمجالات الأخلاق والدين والسياسة، فنحن نعلم أن للحقيقة
مستويات وأوجه عدة، وما العلم سوى أحد هذه الأوجه .
مقالة فلسفية حول الحقيقة
ما هو مقياس الحقيقة ؟
ما هو معيار الحقيقة ؟
"إن الوضوح و النفع ، والوجود لذاته هي المعايير التي قيست بها الحقيقة عند الفلاسفة " ناقش العبارة
"
1/ المقدمة - طرح الإشكالية -
اختلف الفلاسفة قديما وحديثا حول المقياس الذي يبنى عليه مفهوم الحقيقة ، و من أشهر المعايير التي عرفها الفكر الفلسفي : معيار الوضوح و هو الشائع
عند العقلانيين ومعيار النفع و المعروف لدى البراغماتيين و معيار الوجود لذاته و الذي يعتمده الوجوديون و السؤال المطروح : أي معيار من المعايير
السابقة يصلح أن يكون مقياسا للحقيقة ؟
2/ التوسيع -محاولة حل المشكلة -
القضية : ( يستحسن أن يشير التلميذ في البداية إلى معيار الوضوح لأنه يعبر عن الحقيقة في صورتها المطلقة ) يرى فلاسفة العصر الحديث من أمثال ديكارت وسبينوزا أن الحقيقة مقياس عقلي ثابت ، لا يتأثر بتغير الزمان أو المكان ، و الشيء لا يمكن أن يكون
حقيقيا إلا إذا كان واضحا للعقل وضوحا مطلقا . الحجج والبراهين : إن الإنسان في حياته يعتقد بجملة من القضايا ، و يصدر أحكاما كثيرا حول مواضيع مختلفة لكن ليس هناك ما يثبت مصداقية هذه القضايا والأحكام سوى
الوضوح والبداهة ، لأن الوضوح مقياس لا تختلف بشأنه العقول و لا يحايث تغيرات الواقع وتقلباته ، و يتجلى هذا الوضوح في البديهيات الرياضية
كالبديهية التي ترى أنه كلما طرحنا كمية ثابتة من متساويين كلما كانت النتيجة متساوية ، و كقولنا الكل أكبر من الجزء
و في رأي ديكارت أن الفيلسوف لا يستطيع أن يؤكد أمرا إلا إذا كان بديهيا لذلك كانت أول قاعدة في منهجه هي " ألا يقبل مطلقا شيئا على أنه حق ما لم
يتبين بالبداهة أنه كذلك " ذلك لأن الأحكام السابقة و التصورات المألوفة الخاطئة يجب أن تكون هدفا لشكنا ، و محلا لمراجعاتنا تمهيدا لاستبدالها بأفكار
صادقة لا يعود لدينا مجال للشك فيها ، و أهم حقيقة بالنسبة إلى ديكارت هي " ما الدليل على وجوده " فيقول : " لاحظت أنه لاشيء في قولي أنا أفكر
إذن فأنا موجود " يضمن لي أني أقول الحقيقة ، إلا كوني أرى بكثير من الوضوح ، أن الوجود واجب التفكير ، فحكمت بأنني أستطيع اتخاذ قاعدة عامة
لنفسي ، وهي أن الأشياء التي نتصورها تصورا بالغ الوضوح و التمييز هي صحيحة كلها
و هذا معناه أن الحكم الصادق والواضح يفرض على العقل أن لا يشك فيه من جديد ، و هو ليس نتاج عن الحواس والخيال أو ما يفرضه علينا الآخرون . و هو الحكم الذي عندما نقارنه ذهنيا بحكم باطل ملتبس فإن كفة الحكم الصادق ترجحه أذهاننا .و هذا تماما ما أشار إله سبينوزا عندما قال : " ..فكما أن
النور يكشف عن نفسه وعن الظلمات ، كذلك الصدق هو معيار نفسه و معيار الكذب " النقد والتقييم : إذن الحقيقة في نظر هؤلاء العقلانيين مرادفة للوضوح ، و مصاحبة لأحكامنا المجردة من الشك ، و أن العقل بحكمه عليها بالصدق يرجحها تلقائيا دون
سواها من الأحكام الزائفة . لكن إرجاع الحقيقة كلها إلى الوضوح بنقل الحقيقة من مستواها الموضوعي إلى مستواها الذاتي المشخصن ، فتكون بالتالي كل أحكام الإنسان و الموجهة
بواسطة مكتسبات تربوية و اجتماعية ومذهبية هي عنوان للحقيقة التي يعتقد بها ما دام أنها في نظره واضحة و بديهية . و التاريخ الإنساني يؤكد أن
الأوربيين في العصر الوسيط قد ركنوا مدة طويلة إلى الفكرة الشائعة التي ترى بمركزية الأرض للكون ، و بما أنها كانت تتراءى لهم واضحة و بديهية
لم يتقبلوا حينذاك غيرها. يقول أ . بايي : " إن الأفكار الواضحة والبالغة الوضوح هي في الغالب أفكار ميتة " بمعنى أنها تحتاج إلى تغيير في نفوسنا ، و
في مقابلها أن الأفكار الثورية الجديدة يجد مكتشفوها صعوبات في نشرها . على نحو ما يحدث مع الزعماء و المصلحين و العلماء .. نقيض القضية ( يستحسن أن يدرج التلميذ في هذه القضية المقياسين المتبقيين معا ) و في مقابل هذه القضية يرى البرغماتيون أن مقياس الحقيقة هو كل ما يمكن أن يقدم للإنسان منفعة و مصلحة في حياته ، ومن ثمة فالحقيقة ليست واحدة
بل هي متعددة و متغيرة ، ومتأثرة بشكل الواقع الذي يواكبه الأفراد ، أما الوجوديون فالحقيقة الأولى في نظرهم هي الوجود الإنسان و ما يقتضيه هذا
الوجود من شروط ضرورية كحريته ، و إنجازه لماهيته
الحجج والبراهين : ومن الأدلة التي يبرر بها البراغماتيون موقفهم : أن الحكم لا يكون متصفا بالصدق إلا إذا دلت التجربة على أنه مفيد نظريا و عمليا ، و بذلك تكون
المنفعة هي المعيار الوحيد لتمييز صدق الافكار من باطلها و بتعبير ساندرس بيرس : " إن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج ،" أي أن الفكرة الفارغة
من محتواها العملي و نتائجها الملموسة لا يمكن أن تكون تعبيرا صادقا عن مدلول الحقيقة ، فهذه الأخيرة تعكس كل الحلول العملية و النفعية التي تنقل
الإنسان من أوضاع رديئة إلى أوضاع راقية . و من صورة سلبية إلى صورة إيجابية ، يقول وليام جيمس : " إن النتائج التي تنتهي إليها الفكرة هي الدليل
على صدقها و مقياس صوابها " ، و يفهم من هذا أن الحقيقة لا توجد أبدا مستقلة ومنفصلة عن الفعل أو السلوك ، و ليس في الوجود حقيقة واحدة بل
هناك جملة متكثرة من الحقائق ، و أي حقيقة هي قابلة للمراجعة بسبب الواقع المتغير ، و التجدد المستمر للتجربة الإنسانية فالصدق هنا هو صدق بالنسبة
إلى الواقع الذي ليس متحجرا و لا ثابتا على حال ، يقول وليام جيمس : " إن كل ما يؤدي إلى النجاح فهو حقيقي ، و إن كل ما يعطينا أكبر قسط من
الراحة وما هو صالح لأفكارنا و مفيد لنا بأي حال من الأحوال ، فهو حقيقي " أما الفلاسفة الوجودية لا يرون تعبيرا صادقا للحقيقة إلا من خلال الوجود الإنساني الحسي الذي يشعر به كل واحد منا في عالمه الداخلي و يعيشه بكل
جوارحه و مشاعره ، و من خصائص هذا الوجود لا يشبه عالم الأشياء في سكونها و ما يطرأ عليها من حتميات ، بل هو وجود متنامي و مستمر و قابل
في كل مرة للإستبدال ، يقول هيدغر : " "إن الكائن اليوم هو الكائن القابل للاستبدال" أي أنه وجد من أجل أن يصنع ماهيته من جهة ، ومن أجل أن
يموت من جهة أخرى ، وبين الحياة والموت توجد تجربة وجودية تتضمن القلق و المحن و ثقل المسؤولية . لذلك يضع الوجوديون بخلاف العقلانيين
الوجود الإنساني
و ما يستدعيه من شعور باطني و انفعالي فوق كل حقيقة يقول كيركغارد : " إن النتائج التي تنتهي إليها المحنة " passion هي وحدها الخليقة بالإيمان
هي وحدها المقنعة " إذن لا حقيقة عند الفرد إلا ما يحياه و ينفعل له " النقد والتقييم : إن الحقيقة بالنسبة للبراغماتيين و الوجوديين سواء لم تبارح نطاقها الواقعي و الإنساني ، و أنها متى ابتعدت عن مصالح الإنسان أو حياته الوجودية كانت
باطلة ومستبعدة . لكن إذا سلمنا مع البراغماتيين بالمقياس النفعي للحقيقة يجعل من الصعب إلزام جميع الناس بأفكار نعتقد أنها تصلح لهم قاطبة ، أي أنه ما يبدو لشخص
منا نافعا و صالحا قد يكون ضارا بالنسبة لشخص آخر . و الأفكار التي تبدو صالحة للفرد قد تضر بالمصلحة العامة . أما عن حصر الحقيقة في حدود التجربة الذاتية للإنسان و الشعور بها ، فهذا تضييق لمعنى الحقيقة التي هي سابقة عنه ، و مستمرة بعده ، و أيضا
إرجاعها عند حدود الإنسان معناه الحكم علي الإنسان بالعزلة عن كل ما هو موجود معه ، و حمله عل التمرد عن نظمه وقيمه الإجتماعية ، وجعل حريته
هي علة أخلاقه و قيمه و هذا الذي يعبر عنه كيركجارد يقوله : " اختر ذاتك قبل أن يختارها لك الآخرون " التركيب : و لتهذيب هذه المواقف المتعارضة حول مفهوم الحقيقة ، يجب التأكيد أن معيار صدق أحكامنا و أفكارنا بالنسبة للعقلانيين هو مدى وضوحها و قدرة
العقل على تمييزها من غيرها
و من جهة ثانية أن ميل الإنسان إلى ما ينفعه و الابتعاد عما يضر بمصالحه ، هو ميل طبيعي بالنسبة إلى البراغماتيين من شأنه أن يجعل الحقائق في
حياة الإنسان متنوعة و متكثرة و متغيرة ، و أما اهتمام الوجوديين بالوجود العيني الإنساني فهو اهتمام بالحقيقة التي لا تتكرر بالتجربة أكثر من مرة في
نظرهم . و التي هي جديرة بالاهتمام أكثر من الاهتمام بغيرها . الخاتمة ( حل المشكلة ) و في الأخير فإن الإجابة عن مسألة الحقيقة ظت فلسفيا مرتبطة بطبيعة الأنساق الفكرية والمذهبية لدى الفلاسفة و متأثرة بنظرياتهم و تصوراتهم حيال
الوجود ، لكن حل هذه المشكلة يفرض اعتبار معيار الحقيقة معيارا موضوعيا مفارقا لكل ما من شأنه أن يحصر الحقيقة في إطار ذاتي ضيق ، و أن
يسمو بها عن كل تقلبات الواقع و نزوات الإنسان و أهوائه .
- اذاكنت امام موقفين متعارضين يقول أولهما:ان معيار الحقيقة هو الوضوح,و يقول ثانيهما أن معيارها النفع و يدفعكالقرار إلى أن تفصل في الأمر
فتصف المعيار السليم الذي يرشد إلى الحقيقة ، فما عساك أن تصنع ؟
طرح المشكلة:الرغبة في المعرفة هي في الواقع رغبة في الحقيقة, في إدراك حقيقة الأشياء و حقيقة الإنسان , والوجود عامة. غير أن تاريخ الفلسفة يبين
أن هناك عدة نظريات وتصورات حول الحقيقة و معاييرها، تختلف بحسب المنطلقات العقلية والمشارب المذهبية، ولذلك نجد فريقا من الفلاسفة يقول أن
الحقيقة معيارها الوضوح، وفريقا آخرا يقول بمعيار المنفعة. فهل الحقيقة تقاس بالبداهة و الوضوح أم أن مقياسها النفع و العمل المنتج؟
محاولة حل المشكلة:الأطروحة الأولى:إن مقياس الوضوح و البداهة و الصدق و اليقين هو أساس الحقيقة المطلقة للفلسفة ومن أنصار هدا الرأي ديكارت
و سبينوزا فلقد كانت أول قاعدة في المنهج الذي سطره ديكارت ألا يقبل مطلقا على انه حق ما لم يتبين بالبداهة و أن لا يأخذ من أحكامه إلا ما يتمثله عقله
بوضوح تام بحيث لا يعود لديه مجال للشك فيه بمعنى أن معيار الحقيقة لديه هو العقل. وكل ما يبدو للعقل بديهيا فهو حقيقي أي كل الأمور التي لا يجد
العقل شك في التصديق بها نظرا لوضوحها فإنها إذن الحقيقة وقد فجر العصر الحديث بمقولته الشهيرة – انأ أفكر إذن أنا موجود وهو المعيار الذي يدافع
عنه سبينوزا أكثر حين يؤكد أن الحقيقة لا تحتاج إلى أي معيار خارجي عنها مادامت هي معيار ذاتها.فمن يمتلك فكرة صحيحة لا يحتاج إلى من يعلمه
ذلك أو من يؤكد له.لان الفكرة الصحيحة تخبر عن نفسها و تؤكد ذاتها مادامت تبدو بديهية جدا لصاحبها و البديهي يفرض نفسه على العقل انه يفرض
نفسه بوضوح تام. يقول...فكما أن النور يكشف عن نفسه و عن الظلمات,كذلك الصدق هو معيار نفسه و معيار الكذب( مناقشة:غيران إرجاع الحقيقة كلها
إلى الوضوح يجعلنا نلجأ إلى معيار ذاتي فقد نحس بأننا على صواب في أحكامنا على أساس الوضوح و لكن قد يقف احدنا بعد ذلك على خطاه انه مقياس
ملتحم بالحياة السيكولوجية الذاتية)ما يتوافق مع تربيته و ميوله و اتجاهاته(. لأطروحة الثانية: هذا ما أدى إلى معارضة شديدة لهذا الطرح للحقيقة و
أعطى بديلا فلسفيا يتجلى في معيار النفع و من ممثليه أقطاب البراغماتية أمثال:بيرس و جيمس فالحكم يكون صادقا متى دلت التجربة على انه مفيد
نظريا و عمليا وبذلك تعتبر المنفعة المحك الوحيد لتميز صدق الأحكام من باطلها فالحق لا يوجد أبدا منفصلا عن الفعل أو السلوك فنحن لا نفكر في
الخلاء وإنما نفكر لنعيش وليس ثمة حقيقة مطلقة بل هناك مجموعة متكثرة من الحقائق التي ترتبط بمنافع كل فرد منا في حياته.يقول بيرس)إن الحقيقة
تقاس بمعيار العمل المنتج أي أن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له وليست حقيقة في ذاتها( و يضيف جيمس )إن النتائج أو الآثار التي تنتهي إليها فكرة
هي الدليل على صدقها و مقياس صوابها( ناقشة:إذا اعتمدنا على معيار النفع نكون مضطرين إلى عدم قبول القضايا التي ليست لها نتائج عملية
واستبعادها من دائرة القضايا الصحيحة.ثم إن مفهوم المنفعة واسع جدا هل هو منفعة الفرد الخاص أم منفعة الجماعة؟. لتركيب:إن مقاييس الحقيقة تابعة
لطبيعة هاته الحقيقة و مجالاتها و فلسفة أصحابها فهي موجودة في فكرة الوضوح و البداهة عند العقلانيين و المنفعة والمصلحة عند البراغماتيين كما أن
الحقيقة مجالها هو الإنسان المشخص في وجوده الحسي و حقيقة الإنسان هي في انجاز ماهيته كما يرى الوجوديون مع سارتر
حل المشكلة: إذن ، إن تعارض القولين لا يرفع بالضرورة صحتهما معا, فإذا كان مقياس مطابقة العقل للتجربة المؤشر الأهم في الميدان العلمي, فان
الوضوح و البداهة هو الميزان المناسب لمعرفة الحقيقة الفلسفية كما ان محك الحقيقة اللدنية لدي الصوفية هو الذوق .
أبطل الأطروحة التالية:إن الحقيقة مطلقة . طرح المشكلة: من الملاحظ أن الواقع متغير وما هو متغير نسبي يختلف إدراكه من شخص لأخر مما يجعل الحقيقة نسبية غير أن هناك من اعتقد أن
الحقيقة مطلقة وهي ما يطمح إليه الفيلسوف غير أن هذه النظرية فيها الكثير من المبالغة و الخطأ وهذا ما يدفعنا إلى الشك في صدقها.فكيف يمكن إبطال
ذلك؟ محاولة حل المشكلة: 0- عرض الأطروحة و البرهنة عليها: إن الحقيقة مطلقة يستطيع الفيلسوف بلوغها عن طريق العقل أو الحس ونجد هذا النوع
من الحقيقة في الفكر الأفلاطوني حيث يميز أفلاطون بين عالمين عالم الأشياء الذي يشكل مادة إدراك حواسنا وهو متغير قابل للفناء,وعالم المثل الذي لا
تدركه الأبصار و هو ثابت ومطلق.فتتميز الحقيقة المطلقة بكونها مجردة من كل قيود وغير مرتبطة بأحكام الناس وهي مستقلة لا تحتاج من اجل وجودها
إلى علل و أسباب لا تخضع للزمان و المكان.ونفس الطرح نجده عند أرسطو الذي تكمن الحقيقة المطلقة عنده في المتحرك الذي لا يتحرك. 2- عرض
مناصري الأطروحة ونقدهم: إن هذه النظرية لها مناصرين وهم أصحاب المذهب العقلاني بقيادة ديكارت الذي يجعل من الحقيقة مطلقة انطلاقا من الحكم
الصادق الذي يحمل في طياته معيار صدقه وهو الوضوح.)نقدهم(ولكن هذه الأطروحة فيها مبالغة إذ كيف نفسر التعدد و الاختلاف في الحقائق هذا من
جهة و من جهة أخرى الحقيقة المطلقة من منظور فلسفي حقيقة مجردة ميتافيزيقية وهي حقائق يصعب إدراكها بالعقل لعجزه عن بلوغها,وإذا تجرا على
تناولها كانت نسبية و متغيرة بتغير ظروف صاحبها النفسية الفكرية والاجتماعية وفي هذا السياق عبر الفيلسوف الفارابي عن صعوبة إدراك حقائق
الأشياء يقولالوقوف على حقائق الأشياء ليس في قدرة البشر,ونحن لانعرف من الأشياء إلا الخواص واللوازم و لا نعرف الفصول المقومة لكل منها(.كما
أن الحقيقة من منظور الصوفية هي الأخرى متغيرة و نسبية نسبة إلى إيمان الشخص ومدى عمق قوته وضعفه الذي يجعل من الحقيقة حقائق متغيرة
بتغير مستوى إيمان أصحابها رفع منطق الاطروحة بحجج شخصية: إن الحقيقة المطلقة هي حقيقة مطلقة في ذاتها لكنها حقيقة متغيرة ونسبية عندما تتعلق
بالإنسان لأنها متوقفة على الواقع النفسي و الفكري و الاجتماعي,فالحقيقة التي يتحدث عنها الفلاسفة يتحدثون عنها ضمن انساق و مذاهب مما يجعلها
تحت رحمة النسق فاله اقلاطون ليس اله أرسطو , واله أرسطو ليس اله ديكارت,وهذا ما أكده كانط بقوله )الحقيقة المطلقة لايحتضنها عقل ولا يدركها
علم ). حل المشكلة: من خلال ما سبق ذكره يبدو إن القول بالحقيقة المطلقة ليس له ما يبرره مما يدفعنا إلى رفض هذه الأطروحة ونقد مسلماتها والرد على
حججها و بالتالي فهذه الأطروحة باطلة ويجب رفضها .
الأنظمة السياسية :
الإشكال:هل يمكن أن يقوم مجتمع بدون نظام سياسي؟
إن الإنسان واحد من الكائنات الحية التي لا يمكنها أن تستمر في الوجود بدون
الاعتماد على الغير،إذ يولد الفرد عاجزا عن تلبية حاجياته ومواجهة الصعاب
،حيث كانت حياته الأولى تمتاز بالبساطة والبدائية مثل الصيد والزراعة إلى
أن انتقل إلى الصناعة والتجمعات البشرية وساد هذه الأخيرة العديد من
المشاكل ومن هنا بدأ دور الدولة ،وذلك من خلال تأطيرها للأفراد وتحقيق
الأمن والاستقرار ،إلاّ أنّ جمهور الفلاسفة اختلف في قيمة وأهمية الدولة من
خلا ل هذا كله يتبادر إلى أذهاننا التساؤل التالي:هل يمكن الاستغناء عن
الدولة أم أنّها الإطار المناسب لممارسة الفرد لحرياته والتمتع بحقوقه
الأساسية؟أو بعبارة أصح هل يمكن أن يقوم مجتمع ما بدون نظام سياسي؟
يرى الفوضويون أن وجود الدولة غير ضروري وبإمكان المجتمعات الاستغناء عنها
فمن الأفضل للناس ألا يخضعوا للدولة وان يعيشوا حالة فوضى حيث لا يكون في
الناس لا حاكم ولا محكوم لأن الدولة في نظرهم عدو للفرد وتقف ضد التفتح
الطبيعي للشخصية كما تضيق مجال الاتصال بين الأفراد وتحد من انتشار القيم
الأخلاقية العالمية بوضعها الحدود بين الدول واقتطاع جماعة بشرية ضد أخرى
إلى جانب هذا فهي تعوقه من ممارسة حريته وعلى أساس هذا فانه يجب علينا كما
يقول أنصار هذه النظرية أن نزيل الدولة ونبني العلاقات الإنسانية على أساس
الحرية الفردية وقد نتساءل ما الذي يضمن النظام ويحقق الأمن للأفراد وعن
هذا يجيب الفوضويون بأنّ الناس سيعملون لصالح بعضهم البعض دون حاجة إلى قوة
تلزمهم بالاحترام ذلك أن الفرد بالنسبة لهم ميال بطبيعته إلى غيره وعلى
شاكلة هذا الطرح نجد الماركسية تدعو إلى الاستغناء عن الدولة لأنها في
نظرهم أداة للسيطرة والاستغلال ويتجسد ذلك من خلال ظهور طبقتين الأولى ثرية
ومالكة لوسائل الإنتاج والثانية طبقة بروليتارية* كادحة لا تملك سوى طاقة
العمل ومن هنا فأن ظهور الدولة جاء نتيجة لرغبة الطبقة الأولى في السيطرة
على الطبقة الثانية لإرغامهم على الخضوع لهم ومن هنا فأن الدولة ما هي إلا
جهاز قمع تملكه طبقة لقهر بقية فئات الشعب وفي هذا يقول انجلز)ليست الدولة
إلا تعبيرا عن إحدى الطبقات في المجتمع.( ويختصر لينين هذا المعنى بقوله)إن
الدولة هي ثمرة التعارضات الطبقية المتناحرة ومظهرها(وتلخيصا لهذا الموقف
فأن الدولة لا يجب قيامها لأنها أداة سيطرة واستغلال وتقييد للحريات وفي
هذا يقول باكونين)إن الدولة مقبرة كبيرة تدفن فيها جميع مظاهر الحياة
الفردية ). إن هذا الرأي لم يصمد للنقد نظرا لتطرفه فهو لا يعي عواقب ما يترتب عن زوال
الدولة إذ تصبح الفوضى هي السائدة والغلبة للأقوى ،ومعنى إلغاء الدولة
العودة إلى شرعية الغاب فإذا عمت الفوضى لا أحد يمارس حريته بعد ذلك ،ثم إن
هذا الموقف فقط على النظم الاستبدادية التي عرفتها البشرية وما سادها من
انحراف في استخدام السلطة القائمة على القانون لا على الإرادة الفردية . وعلى عكس الرأي السابق نجد من يرى أن الدولة مؤسسة اجتماعية لا غنى عنها
وقد كان على رأس هذه النزعة روسر، بن خلدون ، فروسر يرى أن قيام مجتمع
متحضر متوقف على الدولة التي توفر للأفراد ما يسميه روسر بالحريات
المدنية فالأفراد عندما يتنازلون عن حقوقهم لصالح الشخص الجماعي فإنهم
يتنازلون مقابل حقوق أخرى تسمى بالحقوق المدنية يكفلها لهم ويحميها
،فالمجتمع هنا يضمن له حريات أخرى بديلة وبذلك يكون الشعب هو صاحب السيادة
وبالتالي فالدولة وجودها ضروري لحماية الحريات الشخصية ،إذ تعطي للفرد
وجوده الأمثل والأسمى ،أما بن خلدون فهو يرى ضرورة الاجتماع السياسي ولكنه
يشترط وجود وازع سلطاني لوضع حد للطبيعة العدوانية للإنسان حيث يقول)ثم إن
هذا الاجتماع إذا حصل بلا شر فلابد من وازع يدفع الناس بعضهم عن بعض لما في
طباعهم الحيوانية من العدوان والظلم(، وهذا الوازع عنده لا يمكن أن يكون من
غير الإنسان فلابد أن يكون واحداً من الناس له الغلبة والسلطان واليد
القاهرة حتى لا يصل أحد إلى غيره بالعدوان وهذا هو معنى الملك أو السلطة
لدى بن خلدون ، والذي يربط طبعة الاجتماع في البشر وبين العدوان فيهم ونفى
أن يكون الوازع الديني أو العقلي كافيا لمنع الناس عن بعضهم البعض ومن هنا
فإن وجود الدولة لا غنى عنه في إشباع حاجة الناس من حيث الأمن والاستقرار
وتوفير شروط الحياة من نظام وتعاون وعدالة للإنسان ، لا يكون كل هذا إلاّ في
وجود إطار مجتمع منظم ولا ينتظم الأفراد إلاّ في مجتمع سياسي . هذا الرأي هو الآخر لم يصمد للنقد ذلك أن تاريخ الدول يبين أنه كانت معظم
الدول أداة تسلط ولم تكن أبدا أداة إطار منظم للأفراد ثم إن التجاوزات التي
تقع اليوم هنا وهناك وفي مختلف المجالات دليل على أن الدولة أداة تسلط . إن الوعي الذي شهده الإنسان على المستوى الفكري الذي وصله مكنه من وضع
آليات تقيد استعمال السلطة وتحولت علاقة المواطن من علاقة رضوخ واستسلام
لإرادة الحكام إلى علاقة امتثال للقانون الذي اشترك المواطن بطريقة أو
بأخرى في صياغته ، ومن هنا فإن الدولة ضرورة اجتماعية للحياة المشتركة
وازدهارها لكن الضرورة تقدر بقدرها فإذا كانت لازمة لنشوء المجتمعات
وتحضّرها فإنه يجب ألاّ نقضي على الحريات الفردية بل نحميها ونوسعها . وأخيراً وكحوصلة لما سبق فإنه لا يمكن للمجتمع أن يتحضر ويزدهر إلاّ في إطار
تقدس الحقوق وتحمى الحريات وبدون هذه الشروط تصبح الدولة أداة قمع للحريات
الشخصية وبالتالي يصبح لا فرق بين وجودها وعدمه ومع كل هذا وذاك تبقى
الدولة أداة ضرورية لتنظيم الأفراد والقضاء على أنانية الإنسان لأن الإنسان
بطبعه أناني
مقالة حول الأنظمة السياسية: هل وجود الدولة ضروري
طرح المشكلة : لقد كانت العلاقات الإنسانية قبل وجود الدولة في فوضة عارمة ، حيث كان الكل في حرب ضد الكل وكان الإنسان ذئب لأخيه الإنسان ، حيث لا قانون
إلا قانون الغاب، القوي يأكل الضعيف وهنا تبلورت فكرة إنشاء الدولة ، والدولة كجهاز سياسي وكيان اجتماعي هناك الكثير من مبررات تواجدها وفي
ظل التطورات التاريخية واجتماعية اختلفت الآراء حول وجود الدولة وأهميتها فهناك من يشك في قيمة الدولة إلى درجة انه يطالب بزوالها وهناك من
يناقضها. فهل وجود الدولة ضروري؟ هل الدولة جهاز يجب أن يزول؟
محاولة حل المشكلة : الطرح الأول : ترى الاطروحة الولى التي يمثلها جون غراف وباكونين أن الدولة جهاز يجب أن يزول أي يمكن الاستغناء عنها باعتبارها تمثل أداة قمع وسيطرة
واستغلال فهي تقف ضد التفتح الشخصي للأفراد وتمنعهم من تحرير مواهبهم وتحد من حرياتهم الفردية وجماعية لذلك يجب الدعوة إلى زوالها يقول
باكونين "أن الدولة مقبرة جماعية تدفن فيها جميع مظاهر الحياة الطبيعية" فهو يدعونا إلى العودة للمجتمع الطبيعي وعدم الخضوع لسلطة ويقول جون
غراف "أن قوانين الدولة تمثل قضبان سجن اجتماعي " وفي ذلك يرى ماركس أن وجود الدولة ارتبط بالطبقة البورجوازية التي تمارس حكمها بكل
تعسف على الطبقة المحرومة . النقد : إن الآراء التي تدعو إلى زوال الدولة كما هو الحال عند الفوضوية هي أراء غامضة وخاطئة ولا تتأسس على أي منطق ، لان المنطق يقول بوجوب
وجود سلطة وما تحرص على حماية مصالح الأفراد وتنظيم علاقاتهم بضوابط تحكمهم . الطرح الثاني :
ترى نقيض الأطروحة التي يمثلها روسو هيغل وابن خلدون أن وجود الدولة ضروري فلا يمكننا أن نتصور حياة البشرية بدون سلطة فهي تقوم برعاية
وتنظيم مصالح الأفراد وضبط سلوكاتهم في العلاقات المادية والمعنوية فبفضل الدولة تتوسع دائرة الحريات وتتعمق فائدة ومصلحة الأفراد لأنها وجدت
لحماية نفسها ومواطنيها وفي هذا يرى روسو "ان الدولة كيان اجتماعي يوفر الحماية والحرية للأفراد " ويرى هيغل "ان الدولة حتمية اجتماعية لابد منها
لقيادة الأفراد من حيث أنهم كائنات عاقلة حرة تتطلب النظام "فلولا وجود الدولة لعمت الفوضى ورجعت البشرية الى الوراء فهي جهاز ضروري . النقد : لكن وجود الدولة لا يعني ان النظام موجود فقد تكون الدولة مصدرا للقمع والقهر والتصادم بين أفراد المجتمع . حل المشكلة : فبما أن الدولة لا يقتصر عملها فقط على الجانب السياسي فهي بدون شك تقوم بتنظيم حياة الأفراد اجتماعيا والصالح العام الذي يتطلب مراعاة حقوقهم
وحرياتهم الفردية والجماعية بمعنى وجود دولة بالإضافة إلى إحلال الديمقراطية .
مقالة حول الانظمة السياسية: هل الديمقراطية تقوم على مبادئ سياسية فقط؟
إن توالد الأنظمة السياسية كان نتيجة قرائح وهمم بعض المفكرين والفلاسفة ، ذلك في إيجاد نوع من الوجود الإنساني الحقيقي ولقد تباينت الأنظمة
السياسية فهناك النظام الملكي والديكتاتوري والديمقراطي وهذا النظام الأخير دار حوله جدلا كثيرا ، فهناك من ربط الديمقراطية بالحرية السياسية وبمقابل
هناك من ارجع الديمقراطية إلى مبدأ الاشتراكية والمساواة وفي ظل هذا التصادم الفكري بين المذهبين حول حقيقة الديمقراطية يمكننا طرح الإشكال التالي
: هل الديمقراطية الحقة هي التي تقوم على الحرية السياسية أم التي تقوم على العدالة الاجتماعية)المساواة(؟
محاولة حل المشكلة : الطرح الاول : ترى هذه الاطروحة التي يمثلها روسو وكانط وهنري ميشال ان الديمقراطية الحقة تكمن في الحرية السياسية القائمة على مبدا التداول على السلطة
وتحقيق حرية الافراد في المجتمع بشتى الوسائل كتعدد الاحزاب والجمعيات وحرية الصحافة والعبادات والحرية الاقتصادية حيث يقول هنري ميشال "ان
الغاية من الديمقراطية هي الحرية"مما يشجع مجال الابداع في شتى المجالات بكل حرية وبكل ديمقراطية تمجيدا للمبدا القائل" اجعلني حرا اصنع لك
بخيالي ما تريد ،دع الكلمة تخرج من لساني بكل حرية اريك ما يجب ان تقوم به، واقومك في ما اخطات فيه،اجعل رايي حرا في الصحافة والعمل
السياسي اهديك امنا واستقرارا وابعد عنك الغرور والتلاعب بمصلحة الناس واحررك من كل الضغوطات ". النقد : لكن الحرية السياسية تهتم بالمبادرة الفردية وتهمل المبادرة الجماعية . الطرح الثاني : ترى نقيض الاطروحة التي يمثلها ماركس وبرودون ان الديمقراطية تقوم على اساس الديمقراطية الاجتماعية وتسعى الى تحقيق العدالة الاجتماعية
والمساواة فهي التي يمارس فيها الافراد او الجماعة الحكم المتمثل في الحزب الواحد والاقتصاد موجه من الدولة ،والصحافة المراقبة، والاعتقاد تابع
للدولة ولا توجد معارضة، فهو يسعى الى القضاء على الاستغلال ،ويحرر المجتمع من كل افة اجتماعية خانقة عن طريق الاهتمام بما يصلح شؤونهم
الاجتماعية ويبعد عنهم كل انواع التهميش فهي تكمن في المساواة الاجتماعية بين البشر . النقد : ان مساوئ الديمقراطية الاجتماعية اكثر من مساوئ الديمقراطية السياسية. فالتاريخ يثبت فشل وسقوط اغلب الديمقراطيات الشعبية . حل المشكلة: مجمل القول أن الديمقراطية من حيث الاشتقاق اللغوي تتضمن فكرة الإرادة الجماعية لأنها حكم الشعب نفسه بنفسه فهي تتضمن مفهوم
الرضا و القبول لأن السلطة الحاكمة تمارس وظيفتها باسم الشعب غير أن هذا المفهوم يتضمن إشكالية فلسفية حول الأساس الذي يجب أن تبنى عليه
الممارسة الديمقراطية هل هو الحرية أم المساواة و من ثمة كانت هذه الإشكالية جدلية في المقام الأول و هي تعبر عن التضارب الفكري بين الإديولوجيا
الليبرالية و الاشتراكية غير أنه من خلال التحليل الفلسفي الذي قمنا به توصلنا إلى هذا الاستنتاج: الديمقراطية الحقيقية هي التي تأسس على منطق
المساواة و الحرية معا .
هل ترى أن تحقيق الديمقراطية السياسية كفيل بتجسيد الغاية من وجود الدولة ؟الإشكال:هل يمكن أن يقوم مجتمع بدون نظام سياسي؟
إن الإنسان واحد من الكائنات الحية التي لا يمكنها أن تستمر في الوجود بدون
الاعتماد على الغير،إذ يولد الفرد عاجزا عن تلبية حاجياته ومواجهة الصعاب
،حيث كانت حياته الأولى تمتاز بالبساطة والبدائية مثل الصيد والزراعة إلى
أن انتقل إلى الصناعة والتجمعات البشرية وساد هذه الأخيرة العديد من
المشاكل ومن هنا بدأ دور الدولة ،وذلك من خلال تأطيرها للأفراد وتحقيق
الأمن والاستقرار ،إلاّ أنّ جمهور الفلاسفة اختلف في قيمة وأهمية الدولة من
خلا ل هذا كله يتبادر إلى أذهاننا التساؤل التالي:هل يمكن الاستغناء عن
الدولة أم أنّها الإطار المناسب لممارسة الفرد لحرياته والتمتع بحقوقه
الأساسية؟أو بعبارة أصح هل يمكن أن يقوم مجتمع ما بدون نظام سياسي؟
يرى الفوضويون أن وجود الدولة غير ضروري وبإمكان المجتمعات الاستغناء عنها
فمن الأفضل للناس ألا يخضعوا للدولة وان يعيشوا حالة فوضى حيث لا يكون في
الناس لا حاكم ولا محكوم لأن الدولة في نظرهم عدو للفرد وتقف ضد التفتح
الطبيعي للشخصية كما تضيق مجال الاتصال بين الأفراد وتحد من انتشار القيم
الأخلاقية العالمية بوضعها الحدود بين الدول واقتطاع جماعة بشرية ضد أخرى
إلى جانب هذا فهي تعوقه من ممارسة حريته وعلى أساس هذا فانه يجب علينا كما
يقول أنصار هذه النظرية أن نزيل الدولة ونبني العلاقات الإنسانية على أساس
الحرية الفردية وقد نتساءل ما الذي يضمن النظام ويحقق الأمن للأفراد وعن
هذا يجيب الفوضويون بأنّ الناس سيعملون لصالح بعضهم البعض دون حاجة إلى قوة
تلزمهم بالاحترام ذلك أن الفرد بالنسبة لهم ميال بطبيعته إلى غيره وعلى
شاكلة هذا الطرح نجد الماركسية تدعو إلى الاستغناء عن الدولة لأنها في
نظرهم أداة للسيطرة والاستغلال ويتجسد ذلك من خلال ظهور طبقتين الأولى ثرية
ومالكة لوسائل الإنتاج والثانية طبقة بروليتارية* كادحة لا تملك سوى طاقة
العمل ومن هنا فأن ظهور الدولة جاء نتيجة لرغبة الطبقة الأولى في السيطرة
على الطبقة الثانية لإرغامهم على الخضوع لهم ومن هنا فأن الدولة ما هي إلا
جهاز قمع تملكه طبقة لقهر بقية فئات الشعب وفي هذا يقول انجلز)ليست الدولة
إلا تعبيرا عن إحدى الطبقات في المجتمع.( ويختصر لينين هذا المعنى بقوله)إن
الدولة هي ثمرة التعارضات الطبقية المتناحرة ومظهرها(وتلخيصا لهذا الموقف
فأن الدولة لا يجب قيامها لأنها أداة سيطرة واستغلال وتقييد للحريات وفي
هذا يقول باكونين)إن الدولة مقبرة كبيرة تدفن فيها جميع مظاهر الحياة
الفردية ). إن هذا الرأي لم يصمد للنقد نظرا لتطرفه فهو لا يعي عواقب ما يترتب عن زوال
الدولة إذ تصبح الفوضى هي السائدة والغلبة للأقوى ،ومعنى إلغاء الدولة
العودة إلى شرعية الغاب فإذا عمت الفوضى لا أحد يمارس حريته بعد ذلك ،ثم إن
هذا الموقف فقط على النظم الاستبدادية التي عرفتها البشرية وما سادها من
انحراف في استخدام السلطة القائمة على القانون لا على الإرادة الفردية . وعلى عكس الرأي السابق نجد من يرى أن الدولة مؤسسة اجتماعية لا غنى عنها
وقد كان على رأس هذه النزعة روسر، بن خلدون ، فروسر يرى أن قيام مجتمع
متحضر متوقف على الدولة التي توفر للأفراد ما يسميه روسر بالحريات
المدنية فالأفراد عندما يتنازلون عن حقوقهم لصالح الشخص الجماعي فإنهم
يتنازلون مقابل حقوق أخرى تسمى بالحقوق المدنية يكفلها لهم ويحميها
،فالمجتمع هنا يضمن له حريات أخرى بديلة وبذلك يكون الشعب هو صاحب السيادة
وبالتالي فالدولة وجودها ضروري لحماية الحريات الشخصية ،إذ تعطي للفرد
وجوده الأمثل والأسمى ،أما بن خلدون فهو يرى ضرورة الاجتماع السياسي ولكنه
يشترط وجود وازع سلطاني لوضع حد للطبيعة العدوانية للإنسان حيث يقول)ثم إن
هذا الاجتماع إذا حصل بلا شر فلابد من وازع يدفع الناس بعضهم عن بعض لما في
طباعهم الحيوانية من العدوان والظلم(، وهذا الوازع عنده لا يمكن أن يكون من
غير الإنسان فلابد أن يكون واحداً من الناس له الغلبة والسلطان واليد
القاهرة حتى لا يصل أحد إلى غيره بالعدوان وهذا هو معنى الملك أو السلطة
لدى بن خلدون ، والذي يربط طبعة الاجتماع في البشر وبين العدوان فيهم ونفى
أن يكون الوازع الديني أو العقلي كافيا لمنع الناس عن بعضهم البعض ومن هنا
فإن وجود الدولة لا غنى عنه في إشباع حاجة الناس من حيث الأمن والاستقرار
وتوفير شروط الحياة من نظام وتعاون وعدالة للإنسان ، لا يكون كل هذا إلاّ في
وجود إطار مجتمع منظم ولا ينتظم الأفراد إلاّ في مجتمع سياسي . هذا الرأي هو الآخر لم يصمد للنقد ذلك أن تاريخ الدول يبين أنه كانت معظم
الدول أداة تسلط ولم تكن أبدا أداة إطار منظم للأفراد ثم إن التجاوزات التي
تقع اليوم هنا وهناك وفي مختلف المجالات دليل على أن الدولة أداة تسلط . إن الوعي الذي شهده الإنسان على المستوى الفكري الذي وصله مكنه من وضع
آليات تقيد استعمال السلطة وتحولت علاقة المواطن من علاقة رضوخ واستسلام
لإرادة الحكام إلى علاقة امتثال للقانون الذي اشترك المواطن بطريقة أو
بأخرى في صياغته ، ومن هنا فإن الدولة ضرورة اجتماعية للحياة المشتركة
وازدهارها لكن الضرورة تقدر بقدرها فإذا كانت لازمة لنشوء المجتمعات
وتحضّرها فإنه يجب ألاّ نقضي على الحريات الفردية بل نحميها ونوسعها . وأخيراً وكحوصلة لما سبق فإنه لا يمكن للمجتمع أن يتحضر ويزدهر إلاّ في إطار
تقدس الحقوق وتحمى الحريات وبدون هذه الشروط تصبح الدولة أداة قمع للحريات
الشخصية وبالتالي يصبح لا فرق بين وجودها وعدمه ومع كل هذا وذاك تبقى
الدولة أداة ضرورية لتنظيم الأفراد والقضاء على أنانية الإنسان لأن الإنسان
بطبعه أناني
مقالة حول الأنظمة السياسية: هل وجود الدولة ضروري
طرح المشكلة : لقد كانت العلاقات الإنسانية قبل وجود الدولة في فوضة عارمة ، حيث كان الكل في حرب ضد الكل وكان الإنسان ذئب لأخيه الإنسان ، حيث لا قانون
إلا قانون الغاب، القوي يأكل الضعيف وهنا تبلورت فكرة إنشاء الدولة ، والدولة كجهاز سياسي وكيان اجتماعي هناك الكثير من مبررات تواجدها وفي
ظل التطورات التاريخية واجتماعية اختلفت الآراء حول وجود الدولة وأهميتها فهناك من يشك في قيمة الدولة إلى درجة انه يطالب بزوالها وهناك من
يناقضها. فهل وجود الدولة ضروري؟ هل الدولة جهاز يجب أن يزول؟
محاولة حل المشكلة : الطرح الأول : ترى الاطروحة الولى التي يمثلها جون غراف وباكونين أن الدولة جهاز يجب أن يزول أي يمكن الاستغناء عنها باعتبارها تمثل أداة قمع وسيطرة
واستغلال فهي تقف ضد التفتح الشخصي للأفراد وتمنعهم من تحرير مواهبهم وتحد من حرياتهم الفردية وجماعية لذلك يجب الدعوة إلى زوالها يقول
باكونين "أن الدولة مقبرة جماعية تدفن فيها جميع مظاهر الحياة الطبيعية" فهو يدعونا إلى العودة للمجتمع الطبيعي وعدم الخضوع لسلطة ويقول جون
غراف "أن قوانين الدولة تمثل قضبان سجن اجتماعي " وفي ذلك يرى ماركس أن وجود الدولة ارتبط بالطبقة البورجوازية التي تمارس حكمها بكل
تعسف على الطبقة المحرومة . النقد : إن الآراء التي تدعو إلى زوال الدولة كما هو الحال عند الفوضوية هي أراء غامضة وخاطئة ولا تتأسس على أي منطق ، لان المنطق يقول بوجوب
وجود سلطة وما تحرص على حماية مصالح الأفراد وتنظيم علاقاتهم بضوابط تحكمهم . الطرح الثاني :
ترى نقيض الأطروحة التي يمثلها روسو هيغل وابن خلدون أن وجود الدولة ضروري فلا يمكننا أن نتصور حياة البشرية بدون سلطة فهي تقوم برعاية
وتنظيم مصالح الأفراد وضبط سلوكاتهم في العلاقات المادية والمعنوية فبفضل الدولة تتوسع دائرة الحريات وتتعمق فائدة ومصلحة الأفراد لأنها وجدت
لحماية نفسها ومواطنيها وفي هذا يرى روسو "ان الدولة كيان اجتماعي يوفر الحماية والحرية للأفراد " ويرى هيغل "ان الدولة حتمية اجتماعية لابد منها
لقيادة الأفراد من حيث أنهم كائنات عاقلة حرة تتطلب النظام "فلولا وجود الدولة لعمت الفوضى ورجعت البشرية الى الوراء فهي جهاز ضروري . النقد : لكن وجود الدولة لا يعني ان النظام موجود فقد تكون الدولة مصدرا للقمع والقهر والتصادم بين أفراد المجتمع . حل المشكلة : فبما أن الدولة لا يقتصر عملها فقط على الجانب السياسي فهي بدون شك تقوم بتنظيم حياة الأفراد اجتماعيا والصالح العام الذي يتطلب مراعاة حقوقهم
وحرياتهم الفردية والجماعية بمعنى وجود دولة بالإضافة إلى إحلال الديمقراطية .
مقالة حول الانظمة السياسية: هل الديمقراطية تقوم على مبادئ سياسية فقط؟
إن توالد الأنظمة السياسية كان نتيجة قرائح وهمم بعض المفكرين والفلاسفة ، ذلك في إيجاد نوع من الوجود الإنساني الحقيقي ولقد تباينت الأنظمة
السياسية فهناك النظام الملكي والديكتاتوري والديمقراطي وهذا النظام الأخير دار حوله جدلا كثيرا ، فهناك من ربط الديمقراطية بالحرية السياسية وبمقابل
هناك من ارجع الديمقراطية إلى مبدأ الاشتراكية والمساواة وفي ظل هذا التصادم الفكري بين المذهبين حول حقيقة الديمقراطية يمكننا طرح الإشكال التالي
: هل الديمقراطية الحقة هي التي تقوم على الحرية السياسية أم التي تقوم على العدالة الاجتماعية)المساواة(؟
محاولة حل المشكلة : الطرح الاول : ترى هذه الاطروحة التي يمثلها روسو وكانط وهنري ميشال ان الديمقراطية الحقة تكمن في الحرية السياسية القائمة على مبدا التداول على السلطة
وتحقيق حرية الافراد في المجتمع بشتى الوسائل كتعدد الاحزاب والجمعيات وحرية الصحافة والعبادات والحرية الاقتصادية حيث يقول هنري ميشال "ان
الغاية من الديمقراطية هي الحرية"مما يشجع مجال الابداع في شتى المجالات بكل حرية وبكل ديمقراطية تمجيدا للمبدا القائل" اجعلني حرا اصنع لك
بخيالي ما تريد ،دع الكلمة تخرج من لساني بكل حرية اريك ما يجب ان تقوم به، واقومك في ما اخطات فيه،اجعل رايي حرا في الصحافة والعمل
السياسي اهديك امنا واستقرارا وابعد عنك الغرور والتلاعب بمصلحة الناس واحررك من كل الضغوطات ". النقد : لكن الحرية السياسية تهتم بالمبادرة الفردية وتهمل المبادرة الجماعية . الطرح الثاني : ترى نقيض الاطروحة التي يمثلها ماركس وبرودون ان الديمقراطية تقوم على اساس الديمقراطية الاجتماعية وتسعى الى تحقيق العدالة الاجتماعية
والمساواة فهي التي يمارس فيها الافراد او الجماعة الحكم المتمثل في الحزب الواحد والاقتصاد موجه من الدولة ،والصحافة المراقبة، والاعتقاد تابع
للدولة ولا توجد معارضة، فهو يسعى الى القضاء على الاستغلال ،ويحرر المجتمع من كل افة اجتماعية خانقة عن طريق الاهتمام بما يصلح شؤونهم
الاجتماعية ويبعد عنهم كل انواع التهميش فهي تكمن في المساواة الاجتماعية بين البشر . النقد : ان مساوئ الديمقراطية الاجتماعية اكثر من مساوئ الديمقراطية السياسية. فالتاريخ يثبت فشل وسقوط اغلب الديمقراطيات الشعبية . حل المشكلة: مجمل القول أن الديمقراطية من حيث الاشتقاق اللغوي تتضمن فكرة الإرادة الجماعية لأنها حكم الشعب نفسه بنفسه فهي تتضمن مفهوم
الرضا و القبول لأن السلطة الحاكمة تمارس وظيفتها باسم الشعب غير أن هذا المفهوم يتضمن إشكالية فلسفية حول الأساس الذي يجب أن تبنى عليه
الممارسة الديمقراطية هل هو الحرية أم المساواة و من ثمة كانت هذه الإشكالية جدلية في المقام الأول و هي تعبر عن التضارب الفكري بين الإديولوجيا
الليبرالية و الاشتراكية غير أنه من خلال التحليل الفلسفي الذي قمنا به توصلنا إلى هذا الاستنتاج: الديمقراطية الحقيقية هي التي تأسس على منطق
المساواة و الحرية معا .
جدلية
طرح المشكلة : إن الدولة – كجهاز سياسي – إنما وُجدت لأجل تحقيق غايات أسمى
؛ هي بالاساس تحقيق العدل وحماية الحريات العامة للافراد وكذا ضمان حقوقهم ،
وهذه هي نفسها الاسس التي تقوم عليها الديمقراطية السياسية ، مما جعل
انصارها يعتقدون ان ديمقراطيهم هي الديمقراطية الحقة التي من شأنها أن تجسد
الغاية التي وجدت من أجلها الدولة ، فهل يمكن الاخذ بهذا الرأي ؟
محاولة حل المشكلة : 1- أ - يرى أنصار المذهب الليبيرالي ودعاة الحرية ، أن تحقيق نظام سياسي راشد
يجسد الغاية من وجود الدولة ، مرهون باقرار الديمقراطية السياسية كنظام حكم ،
والذي هو – دون شك – النظام الوحيد الذي يصون حريات الافراد ويضمن حقوقهم
ويحقق العدالة بينهم . 1- ب – وما يثبت ذلك ، الديمقراطية السياسية أو الليبيرالية تنادي بالحرية في
جميع المجالات ؛ أولها الحرية الاقتصادية التي تعني حرية الفرد في التملك والانتاج
والتسويق والاستثمار ... دون تدخل الدولة ، لأن وظيفة الدولة سياسية تتمثل
بالخصوص في ضمان وحماية الحريات والحقوق الفردية ، وتدخلها معناه تعديها
على تلك الحريات والحقوق . وثانيا الحرية الفكرية والشخصية ، التي تعني اقرار
حق الفرد في التعبير وضمان سرية الاتصالات والمراسلات وضمان حرية العقيدة
والتدين . وأخيرا الحرية السياسية ، حيث للفرد الحق في المعارضة وإنشاء
الاحزاب أو الانخراط فيها ، وكذا المشاركة في اتخاذ القرارات عن طريق النواب
الذين ينتخبهم لتمثيله والتعبير عن ارادته . كما ان الديمقراطية السياسية تقوم على فصل السلطات من تشريعية وتنفيذية
وقضائية .. مما يعني ان القضاء مستقل ، ومن شأن ذلك ان يحقق العدل بين
الافراد الذين يضعهم القانون على قدم المساواة . أما العدالة الاجتماعية – التي تعد من أهم الغايات التي جاءت من أجلها الدولة –
فإن الديمقراطية السياسية تراعي في تحقيقها احترام الفروق الفردية ، باعتبار أن
الافراد متفاوتون في في القدرات والمواهب وفي ارادة العمل وقيمة الجهد
المبذول .. وبالتالي ينبغي الاعتراف بهدا التفاوت وتشجيعه . 1- ج - لكن نظام حكم بهذا الشكل ناقص ؛ فالديمقراطية السياسية تهتم بالجانب
السياسي وتهمل الجانب الاجتماعي ، حيث تنادي بالحرية فقط دون الاهتمام
بالمساواة بين الافراد اجتماعيا واقتصاديا ، والحرية السياسية والفكرية لا تعني
شيئا لمواطن لا يكاد يجد قوت يومه . ومن جهة ثانية ، أن غياب المساواة الاجتماعية والاقتصادية ادى الى غياب
المساواة السياسية ، فالاحزاب والجمعيات بحاجة الى وسائل إعلام ) صحف ،
محطات إذاعية وتلفزية .. ( لتعبر عن ارادتها ، وبحاجة الى دعاية لتروج لأفكارها ..
وهذا كله بحاجة الى رؤوس أموال التي لا تتوفر الا عند الرأسماليين الكبار ،
والنتيجة اصبحت الطبقة المسيطرة اقتصاديا مسيطرة ساسيا ، أي سيطرة
الرأسماليين على دواليب الحكم .
2- أ - وبخلاف ما سبق ، يرى أنصار المذهب الاشتراكي ودعاة المساواة ، ان النظام
السياسي الذي من شأنه أن يقضي على كل مظاهر الظلم والغبن والاستغلال هو
اقرار الديمقراطية الاجتماعية ، التي هي الديمقراطة الحقيقية التي تحقق
المساواة والعدل ، وتجسد – من ثمّ – الغاية التي وجدت الدولة من أجلها . 2- ب - وما يؤكد ذلك ، أن اساس الديمقراطية الاشتراكية هو المساواة الاجتماعية ،
عن طريق القضاء على الملكية الفردية المستغِلة التي ادت الى بروز الطبقية
الفاحشة ، وقيام ملكية جماعية يتساوى فيها الجميع بتساويهم في ملكية وسائل
الانتاج . كما تنادي هذه الديمقراطة بضرورة تدخل الدولة في إقرار مبدأ تكافؤ
الفرص بين كل الافراد ومساواتهم في الشروط المادية والاجتماعية ، مما يؤدي
الى القضاء على كل مظاهر الظلم واستغلال الانسان لأخيه ، وبذلك تتحقق
المساواة الفعلية والعدالة الحقيقية بين كل فئات الشعب . 2- ج - إن المناداة بالمساواة نظريا لا يعني بالضرورة تحقيقها فعليا ، ومن جهة اخرى
فاهتمام الديمقراطية الاشتراكية بالجانب الاجتماعي واهمالها الجانب السياسي
أدى الى خلق أنظمة سياسية شمولية ديكتاتورية مقيدة للحريات ، محولة بذلك
افراد المجتمع الى قطيع .. 3- في الحقيقة ان المجتمع الذي يتوخى العدل هو المجتمع الذي يتبنى
الديمقراطية نظاما لحياته ، تلك الديمقراطية التي ينبغي لها أن تهتم بالجانب
السياسي فتضمن حريات الافراد وتحمي حقوقهم ، كما ينبغي لها أيضا أن تهتم
بالجانب الاجتماعي فتعمل على إقامة مساواة فعلية حقيقية بينهم ، فتتحقق بذلك
العدالة ، وتتجسد وظيفة الدولة الاصيلة . حل المشكلة : وهكذا يتضح ، ان الديمقراطية السياسية – كنظام حكم – لا تحقق
الغاية التي وجدت من أجلها الدولة ، لأهمالها جانبا مهما هو المساواة الاجتماعية
التي هي روح العدالة الحقيقية . وعليه فالنظام السياسي الراشد هو الذي يضمن
حرية الافراد سياسيا ويساوي بينهم اجتماعيا
chokraaaaaa
ردحذف(h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h) (h)
ردحذفشكرا لك اخي وفقك الله ... ووفق الجميع انشاء الله..
احسنتم
ردحذفشكرا لك اخي وفقك الله ... ووفق الجميع انشاء الله..
ردحذف(h)
ردحذف(h)
ردحذفشكرااااااااااااااااااااااااااااا
ردحذفحياك الله الله يبارك فيك انشاء الله يكونوا من المواضيع المتوقعة نسبة للانتخابات الرئاسية التى مرت وكدا الجو الأعلامي
ردحذف;((
ردحذفالحقيقةمن المواضيع المطروحة العام الماضي
ردحذف