11:24 ص

مصر تنحدر نحو المجهول... والسيسي لن يحقق أهداف الثورة

مصر تنحدر نحو المجهول... والسيسي لن يحقق أهداف الثورة

في الجزء الأول من حوارنا مع المفكر المصري والكاتب الصحفي الكبير فهمي هويدي، صرح لنا حسب معلوماته أن الرئيس المعزول محمد مرسي كان قد وافق على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ولكن بعد فوات الأوان، وأن تجربة مرسي لم تكن ناجحة، ولكنه لم يكن مستبداً ولم يستخدم العنف ضد خصومه، كما اعتبر هويدي أن الفترة الحالية هي الأكثر قيوداً على حرية الرأي والتعبير، وأن فترة مرسى الأكثر حرية، وقال هويدي أن إستمرار السياسات الأمنية الموجودة في مصر الآن من الممكن أن تفتح الباب لتنظيمات سرية تظهر في البلاد، فيما وصف المنظمات الحقوقية في مصر بأنها تحولت من منابر للدفاع عن الضمير والحق إلى أبواب للمؤسسة الأمنية،، في الأسئلة التالية نستكمل الجزء الثاني من حوار "الشروق" معه.
من يحكم مصر الآن؟
الأمن .. والجيش ..
وما دور المستشار عدلي منصور؟
رجل طيب لا يفعل شيئاً، وهو لا يظلم، فلقد أوتي به بشكل غير متوقع في مرحلة إنتقالية، ولهذا هو جسر يتم العبور من فوقه إلى أمور أخرى، وأظن أن السبعة أشهر لا تسمح بفترة كافية لتصور المستقبل، ولكن الرئيس الحالي لا دور له في القرارات السياسية المهمة.
إذن من الذي يتخذ القرارات المهمة؟
الجيش بالدرجة الأولى طبعاً.
المؤسسة العسكرية بصفة عامة أم المشير السيسي؟
أنا لا أعرف الخرائط على وجه الأحجام والأدوار بشكل دقيق، هناك مجلس دفاع أعلى، ولا نعرف ماذا يجري فيه ،وهناك غرف مظلمة، ولهذا لا نعرف كيف يُتخذ القرار السياسي ولا نعرف من الذي يتخذه، ولكن هو يخرج من المؤسسة العسكرية، من في المؤسسة بالتحديد أنا لا أعرف!!
كيف ترى تفويض المؤسسة العسكرية للمشير السيسي بالترشح للرئاسة؟
السياسة ماتت في مصر وحل محلها القمع والقوة
هذا جزء من إخراج المشهد السياسي، أقصد أن الفيلم السياسي هو مقرر من قبل، ولكن هذا جزء من إخراجه، مرة بتفويض شعبي ومرة تفويض "مش عارف ايه".. ولكن هذا كله في سياق الإخراج.
ماذا لو أصبح المشير السيسي رئيساً لمصر؟
أظن أن السيسي لو تولى السلطة سيتحمل مسؤولية كبرى، ليس فقط بترميم جراح الماضي، ولكن بالدفاع عن أهداف الثورة والدفاع عن إستقلال هذا البلد، لأن القوى المتحالفة مع مصر الآن لا تريد لثورة مصر أن تتقدم أو تقف على قدميها.
وهل برأيك سيسعى المشير السيسي إلى تحقيق أهداف الثورة؟
عدلي منصور لا يفعل شيئاً .. والقرارات المهمة ليست بيده
أنا أخشى من تحميل فرد مسؤولية المستقبل بأكمله، فإذا أراد أن يحملها وحده لن يستطيع، لأنه كما أن الثورة كانت أكبر من الإخوان، وأكبر من المجلس العسكري، فهي أيضاً أكبر من السيسي، ويُظلم الرجل لو أنه حوصر في هذه الزاوية ما لم يكن هناك شعب ومجتمع ومؤسسات تشارك معه، نحن نتحدث الآن عن جراح موجودة في التنمية والتعليم والصناعة والزراعة وسيناء، هناك أشياء كثيرة وتحديات لا حدود لها.
هل نستطيع القول أن دولة مبارك عادت من جديد؟
بالتأكيد، إذا اعتبرنا أن الدولة ليست فقط أشخاصا ولكنها قيم وركائز وأساليب، وأساليب مبارك موجودة.. الآن على الأقل في الصعيد الأمني، ولكن هناك تشكيلات جديدة تتشكل وتكاد تكرر فكرة الاتحاد الإشتراكي، ولكنها لم تتبلور بعد، فضلاً عن أن المجتمع أيضاً تغير، كما أن الشعب المصري الذي نراه الآن مختلف عن شعب مبارك.
في هذه الفترة تشهد مصر حالة استقطاب شديدة وصلت إلى حد الكراهية.. من المتسبب فيها، وكيف يمكن علاجها ومتى تنتهى؟
هذه أسئلة صعبة، لأنه أولاً الجميع فشلوا في إدارة الحوار فيما بينهم، سواء القوى المدنية أو العلمانية أو القوى الإسلامية، وهناك من سعى إلى الوقيعة بينهم..
الإعلام لعب دوراً كبيراً في خلق مناخ من الكراهية
وبالمناسبة الإستقطاب والخلاف ليس مشكلة، فهناك مجتمعات كثيرة تحدث فيها إختلافات، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في إدارة الخلاف، وهناك فرق، لأن الحاصل ليس إستقطاباً ولكنه مناخ وصل إلى حد الكراهية التي شجعت البعض على أن يتصور أنه لابد من إبادة الآخر، وأن في مصر شعبين وليس شعب واحد، والإعلام لعب دورا كبيرا في هذا، كذلك المثقفين والنخب لم يكونوا على القدر الكافي من حسن الظن ولا من المسؤولية الوطنية.
لا أمل في علاج هذا الموضوع إلا، أولاً بإطلاق الحريات وعودة السياسة تلعب دورها، لأن السياسة ماتت في مصر الآن، لا توجد سياسة، وحل محلها القمع والقوة.
كانت هناك حالة من التكاتف والتلاحم ما بين القوى الثورية في ثورة 25 يناير.. الآن الوضع اختلف تماماً وأصبحت تلك القوى مشتتة ومختلفة.. هل من الممكن أن تستعيد تلك القوى قواها من جديد وتعود لتكاتفها وتشكل قوة تستطيع أن تغير من المشهد السياسي؟
هو ليس خياراً ولكنه فريضة، فتلك القوى لا تستطيع أن تتعايش مع بعضها البعض طالما أنه لا تستطيع قوى إبادة قوى أخرى، وبالتالي لا سبيل أمامها إلا بأن تتعايش وأن تتحاور، وهذا يجدد الدعوة إلى فكرة الحوار وعودة السياسة لتقوم بدورها، الآن مثلاً الحوارات تجرى مع الأنصار، ولكن الحوار الحقيقي لا يختبر بالحديث للأنصار، بل لابد أن يتم مع الخصوم المختلفين.. وهذا ليس حاصلاً الآن!!
ثورة 25 يناير.. ماذا حدث لها وإلى أين تتجه؟
أولاً، نحن لا نستطيع الآن أن نقيم ثورة في بلد كبير بحجم مصر، ثورة في بلد بوزن مصر تستغرق عدة سنوات، وما نحن فيه هو من الكبوات التي تواجه أي ثورة، وهذه ليست نهاية المطاف، وهي جولة هزمت فيها الثورة، ولكنها ليست الجولة الأخيرة، وبالتالي ليس لنا أن نحاكم الثورة الآن، بل علينا أن ندعها تتفاعل ونعطيها وقتا، وعلى القوى الثورية أن تواصل نضالها..
الثورة أحدثت زلزالا في العالم العربي، سواء ثورة مصر أو الربيع العربي بشكل عام، فالموضوع أكبر بكثير مما يتصور البعض، وبالتالي هناك جولات أخرى قادمة تحتاج إلى تفاعل وإلى همم الشباب الذين خرجوا في ثورة 25 يناير لكي يدافعوا عما خرجوا من أجله.
المتابع لمقالاتك اليومية يرى فيها أنك تنذر بأن مستقبل مصر أسوأ بكثير.. بينما تحدثني الآن عن أن ما جرى مجرد كبوة وجولة في معركة لم تنته بعد؟
أهمية العالم العربي تراجعت في الإستراتيجية الأمريكية
هناك فرق بين الأحداث، أنا أظن أن عام 2014 سيكون عاماً صعباً وسنحصد فيه ثمار ما زرعناه في 2013، ولكن ما أتكلم عنه في الرؤية التاريخية، والتاريخ ليس عملاً واحداً، وبالتالي ما ذكرته أنت صحيح، ولكن ما أنبه أو أحذر منه هو تداعيات هذا العام على وجه الخصوص الذي يفترض أنه يتشكل فيه النظام الجديد وتختبر فيه المؤسسة الأمنية وتتحفز فيه الفلول ونظام مبارك.. ولكن بالنهاية هذه جولة.
إذا ما استطعنا أن نقول أن تونس نجحت في ثورتها أو على الأقل تسير نحو تحقيق أهدافها بنجاح.. إذن ما المعايير المختلفة بين مصر وتونس التي جعلت المشهد مختلف تماماً في البلدين؟
الإجابة على هذا السؤال طويلة، ولكن هناك أمرين أساسيين، أولهما وأهمهما هو أن الجيش كان محايداً في تونس، وثانياً أن السياسيين جلسوا إلى طاولة الحوار وقرروا أن يحسموا خلافاتهم بالحوار، والعكس تماماً حصل في مصر.. حيث تدخل الجيش، والسياسيون لم يتحاوروا، ولابد أيضاً أن نقرر أن الحركة الإسلامية في تونس كانت الأكثر ذكاءً، حيث أنها لم تحمل العبء وحدها، ولكنها دخلت في شراكة مع حزبين علمانيين، فكان هذا عنصر مساعد لدفع دفة الحوار.
ربما لأن ما حدث للإسلاميين في مصر كان إنذاراً لهم؟
لا، هم دخلوا من البداية في إنتخابات، والحقيقة لهذا أيضاً خلفية بعيدة منذ عام 2005/2006 حيث قامت حركة النهضة في تونس بعمل حوارات مع قوى سياسية أخرى، ومهدت للشراكة التى أثمرت حينما قامت الثورة وتم التوافق مع حزبين آخرين..
صحيح أن ما حدث في مصر كان حافزاً لهم لكي تكون تحركاتهم أكثر رشداً، ولكن القضية الأساسية أنهم قرروا أن يتحاوروا لا أن يتحاربوا، والأهم من كل ذلك أن الجيش وقف بعيداً.
أيضاً هناك عوامل ساهمت في ذلك وهو أن المجتمع المدنى في تونس قوي بخلاف المجتمع المدني في مصر، فضلاً عن أن قيادات الحركة الإسلامية في تونس هاجرت إلى فرنسا وانجلترا وعاشوا تجربة من 15 إلى 20 عاماً في مهجر فتفاعلوا مع مجتمعات ديمقراطية وهذا ما لم يحدث في مصر..
كما أننا لا بد أن نضع في الإعتبار أهمية كل بلد، نحن نتحدث عن تونس ذات العشرة ملايين، ونحن هنا 90 مليونا، والتآمر على تونس أخف كثيراً من التآمر على مصر، والتحديات هنا مختلفة عن هناك، لذلك هناك حسابات كثيرة معقدة صنعت فارقاً في الخبرتين.
إنطلاقاً من ثورتي مصر وتونس إلى الربيع العربي عموماً.. هل هذا الربيع نتاج ثورات عفوية لشعوب تلك الدول، أم أنه مؤامرة ومخطط لتقسيم الدول العربية كما يعتقد البعض؟
أشك أنه مؤامرة للتقسيم، والربيع العربي هو يقظة عربية وإنتفاضة في عالمنا العربي كله ضد الظلم السياسي والإجتماعي، وليست مقصورة على أربع أو خمس دول، ولكن لها أصداءها في دول كثيرة بما فيها دول الخليج، فالربيع العربي غير الأنظمة، وأطلق الرغبة في التغيير والإصلاح، صحيح لم يغير الأنظمة في الدول الأخرى، لكنه دعا إلى إصلاح هذه الأنظمة، وهذا ما يحدث الآن في دول الخليج وفي السعودية والإمارات.
هل تراجع نفوذ أمريكا في المنطقة العربية بعد ثورات الربيع العربي؟
بالطبع لا، أمريكا لم تتغير، ولكنها فقط غيرت من سياساتها، في الفترة الأخيرة تطورت أمريكا في حربين في أفغانستان والعراق، واتجهت إلى الإهتمام بالشأن الداخلي، والعالم العربي فقد أهميته في الإستراتيجية الأمريكية بدرجة ما، وهي مشغولة الآن بالصين وآسيا أكثر من انشغالها بالعالم العربي..
الأمريكيون ليسوا مع ولا ضد الإخوان.. لكنهم يدافعون عن مصالحهم.
وأمريكا بلد له نظام سياسي سيتعامل مع أي وضع يخدم مصالحه في المنطقة العربية، وهو بالمناسبة ليس منحازاً للإخوان ولا ضد الإخوان، ولكنه منحاز للذي يحفظ له مصالحه، وتأييده للإخوان لم يكن حباً فيهم، ولكن سعياً للاستقرار المرتبط بمصالحه وبإتفاقية السلام والحفاظ على التسهيلات التي تُعطي لأمريكا سواء في إستخدام قناة السويس أو في المجال الجوي المصري أو في التعاون الإستخباري، طالما هذا مستمر، ليحكم مصر من يحكمها ،لأنها تريد مصالحها فقط.
السؤال الأصعب والذي ربما يبحث عن إجابته الكثير.. إلى أين تتجه مصر؟
إلى المجهول!!.. أنا لست متفائلا بعام 2014، لأن هذه المقدمات التي تحدث أرى فيها أن السياسة تتراجع والدولة الأمنية تستعيد قوتها وبطشها، إذا استمر الوضع على ذلك فنستطيع القول أننا نمضي في إتجاه خاطئ وليس مضمونا، ولكن هذا استنتاج أرجو أن تكذبه الأيام المقبلة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

thepart2

thepart2